إعداد: الدكتور فيصل المناور
تقديم : الدكتورة داليدا بيطار
ملخص:
تهدف هذه الدراسة إلى تسليط الضوء على أوضاع شبكات الأمان الاجتماعي في الدول العربية، والكشف عن أهم التداعيات المترتبة عليها، وتحتوي الدراسة على خمسة أقسام رئيسية، حيث قدم الباحث في القسم الأول مقدمة تناولت مشكلة البحث وتساؤلاته ومنهجيته، واهتم القسم الثاني باستعراض السياق النظري لمفهوم شبكات الأمان الاجتماعي، ويتناول القسم الثالث تقييم أداء شبكات الأمان الاجتماعي في المنطقة العربية، بينما يتناول القسم الرابع أثر ضعف أداء شبكات الأمان الاجتماعي على مستوى ارتفاع معدلات الفقر والبطالة في المنطقة العربية، واستعرض القسم الخامس والأخير بعض الملاحظات الختامية التي تم التوصل إليها.
وتوصلت هذه الدراسة إلى عدة نتائج كان أهمها بأن شبكات الأمان الاجتماعي تعد أحد أهم آليات مكافحة الفقر والبطالة، وهي تمثل مجموعة من الخدمات المتكاملة من تدابير الدعم المؤسسي تتعامل مع جميع الأفراد والفئات في المجتمع التي تحتاج لخدماتها، وخاصة ذوي الدخول الضعيفة.
الكلمات الدالة:
الحماية الاجتماعية – الفقر – البطالة – شبكات الأمان الاجتماعي.
Abstract:
This study aims to shed light on the situation of social safety nets in the Arab countries, the detection of the most important implications of it, where the study was divided into five main sections, where the researcher presented in Section I Introduction addressed the problem of the research and its questions and methodology, and cared for the second section review the theoretical context of the concept social safety nets, section III deals with the performance of social safety nets in the Arab region assess, while taking fourth section the impact of weak social safety nets performance at the level of high poverty and unemployment in the Arab region rates and accept section fifth and last some concluding remarks that have been reached.
This study reached several conclusions, the most important was that the social safety net is one of the most important anti-poverty and unemployment mechanisms, which represent a set of integrated institutional support measures dealing with all the individuals and groups in society that need their services, especially with weak income.
Key words:
social protection – poverty – unemployment – social safety nets.
أوضاع شبكات الأمان الاجتماعي في الدول العربية
أولاً: مقدمة:
تعتبر حاجة الإنسان للأمان الاجتماعي مرتبطة بوجوده، غير أن وسائل تحقيقها اختلفت من وقت إلى آخر، ومن نظام سياسي واقتصادي إلى آخر أيضاً، وانحصرت في الوسائل المعتمدة على التضامن والتكافل الإجتماعي والإدخار. كما تعد شبكات الأمان الاجتماعي آلية من آليات تحقيق الأمان الاجتماعي المرحلية، والتي تهدف إلى “تخفيف البؤس، ومكافحة الفقر أو الإقلال منه، وتمكين بعض فئات المجتمع التي تضررت من جراء التطورات المعاصرة، وخاصة الإقتصادية منها“.
كما يعد الأمان الاجتماعي أحد ركائز العمل المجتمعي بمفهومه المتكامل وأبعاده الإقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية والبيئية، فهو يهدف إلى دعم الإستقرار والتماسك الاجتماعي، وتحقيق التوازن بين مكونات وفئات المجتمع. كما يعد أيضاً تعبيراً شاملاً يعني كل أنواع الحماية الاجتماعية التي تقدم للمواطنين سواء عن طريق التأمين الاجتماعي، أو المساعدات الاجتماعية، أو غيرهما من أنواع الخدمات والرعاية التي تكفل رفاهية المجتمع وأمنه الاقتصادي، وعلى الأخص بالنسبة للأطفال وكبار السن والمعاقين، وغير ذلك من الجهود التي تبذلها الدولة في الحقل الاجتماعي.
وتعتبر شبكة الأمان الاجتماعي بمثابة مظلة الحماية والرعاية الاجتماعية التي توفرها الدولة للمستحقين من فئات المجتمع، بهدف حمايتهم من الفقر، وتمكينهم من تحقيق أفضل مستوى معيشي، والتخفيف من الآثار السلبية للتغيرات الاقتصادية والاجتماعية التي يمر بها المجتمع، وتشتمل الشبكة على مجموعة من السياسات والإجراءات والبرامج التي يتم اختيارها لتلبية احتياجات المستفيدين وفق رؤية تنموية مستقبلية للدولة. أضف إلى ذلك أن شبكة الأمان الاجتماعي تعد في العديد من البلدان بمثابة حق قانوني يكفله الدستور، وهي جزء لا يتجزأ من النظام العام للدولة.
وبناءً على ما سبق، تأتي هذه الدراسة لتبحث في أوضاع شبكات الأمان الاجتماعي في البلدان العربية، وذلك بهدف استكشاف مواطن الضعف فيها، والتي أدت بشكل أو بآخر إلى ضعف أطر التنمية والنمو الاقتصادي في أغلب تلك الدولة.
(1) المشكلة البحثية:
مما سبق، يمكن القول أن ثمة إشكالية رئيسية تواجه البلدان العربية، تكمن في ضعف أداء شبكات الأمان الاجتماعي في مختلف الدول العربية، مما نتج عن ذلك مجموعة من الظواهر “كتفشي ظاهرتي الفقر والبطالة” التي هددت استقرار وتنمية تلك الدول، والتي أثرت بدورها بالسلب على تطلعات الشعوب العربية وطموحاتها.
وفي سبيل طرح تلك الإشكالية على بساط النقاش تهدف هذه الدراسة إلى الإجابة على التساؤل الرئيسي التالي: ما مستوى أداء شبكات الأمان الاجتماعي في الدول العربية ومدى مردودها الاجتماعي على أفراد تلك المجتمعات؟
(2) التساؤلات البحثية:
وبناءً على التساؤل الرئيسي للدراسة، يبرز لدى الباحث عدد من التساؤلات البحثية، وذلك على النحو التالي:
- كيف يمكن تفسير مفهوم شبكات الأمان الاجتماعي؟
- ما أثر أنشطة شبكات الأمان الاجتماعي على مختلف المجتمعات العربية؟
- ما أبرز الظواهر الاجتماعية المترتبة على مستوى أداء شبكات الأمان الاجتماعي العربية؟
(3) منهجية البحث:
فيما يخص المنهجية البحثية التي تبنتها هذه الدراسة، فقد تضمنت منهج التحليل الكيفي لمجموعة من المؤشرات التي تقيس أوضاع شبكات الأمان الاجتماعي في مختلف الدول العربية (والمقصود بعملية التحليل الكيفي للمؤشرات هو استخدام البيانات والمعلومات الواردة من مختلف المؤشرات في عملية الكشف عن مستوى التقدم أو التراجع في المجال المراد دراستة، وذلك بأسلوب استقرائي أداته الرئيسية هي الملاحظة)، وذلك للوقوف على مستوى كفاءتها وفعاليتها وأثرها على أوضاع المجتمعات بشكل عام، بالإضافة إلى بعض الكتابات الرائدة التي تناولت تحليلات عامة حول أوضاع شبكات الأمان الاجتماعي العربية.
(4) تقسيم البحث:
جاء هذا البحث في خمسة أقسام رئيسية، حيث قدم الباحث في القسم الأول مقدمة تناولت مشكلة البحث وتساؤلاته ومنهجيته، وإهتم القسم الثاني بإستعراض السياق النظري لمفهوم شبكات الأمان الاجتماعي، ويتناول القسم الثالث تقييم أداء شبكات الأمان الاجتماعي في المنطقة العربية، بينما تناول القسم الرابع أثر ضعف أداء شبكات الأمان الاجتماعي على مستوى ارتفاع معدلات الفقر والبطالة في المنطقة العربية، واستعرض القسم الخامس والأخير بعض الملاحظات الختامية التي تم التوصل إليها.
ثانياً: السياق النظري لشبكات الأمان الاجتماعي:
تعتبر شبكات الأمان الاجتماعي مشروعاً قومياً يقضي بالتزام الدولة بضمان حد أدني من المعاشات لجميع الأفراد من القوى العاملة ضمن إطار نظام اجتماعي أساسي إجباري تديره الدولة، وقد تشترك الخزانة العامة في تمويله وفقاً للحالة الاقتصاد ية للبلاد، بينما يرى البعض أنها شبكة قومية تتعامل مع الآثار السلبية للاقتصاد والتجارة والقيم المتصارعة وغيرها من العوامل الأخرى. فضلاً على أنها شبكة قومية تقدم مساعدات في أوقات الكوارث، ويتم تمويلها في الغالب من الضرائب، وهي بذلك تكون مسؤولة عن توفير المساعدات العامة، ومقابلة الحاجات بواسطة توفير نظام مزدوج لنظام الإعانة والتأمين.
كما تعرف شبكات الأمان الاجتماعي أيضاً على أنها “شبكات عمومية أو عامة الطابع Public، أي مرتبطة بدور الدولة. كما تعتبر تلك الشبكات جزء من الدور العام للدولة، أو من وظيفتها الاجتماعية المعاصرة“().
ومن الأهمية بمكان وقبل الشروع في تحديد مفهوم عام لشبكة الأمان الاجتماعي المناسبة للظروف الراهنة للدول العربية؛ أن يؤخذ في الإعتبار مجموعة من العوامل الهامة ذات التأثير الواضح في صياغة المفهوم وتحديد متطلباته، وأهم تلك العوامل مراعاة خصوصية المجتمعات العربية وسماتها، فالمجتمع العربي يتسم ببعض الخصائص والسمات التي تجعل من عملية تصميم وبناء شبكة أمان اجتماعي واقعية وفاعلة عملية ليست باليسيرة، لا سيما وأن قسماً كبيراً منها يتعلق بإعادة بناء الانسان العربي وتكوينه الفكري والثقافي، فعلى شبكة الأمان الاجتماعي وبرامجها المقترحة أن تراعي المحددات التالية:
- الأثر الذي أحدثته سياسات الرعاية الاجتماعية والإعتماد الكامل على الدولة طوال العقود الماضية.
- درجة التأهيل المجتمعي وقدرة المواطن على المشاركة في تحمل المسئوليات.
- إعتماد الاقتصاد العربي على موارد محدودة للدخل.
- مدى قدرة التنظيمات الأهلية على المشاركة وتحمل نصيب أكبر من المسؤوليات.
- مدى قدرة الدولة على الوفاء بمتطلبات شبكة الأمان الاجتماعي وتوفير الإعتمادات المالية اللازمة لها.
- درجة جاهزية القطاع الخاص للمشاركة بإيجابية في برامج التنمية البشرية وجهود الرعاية الاجتماعية.
وإذا ما أخذنا في الإعتبار أهمية تلك العوامل، يمكن للباحث القول – بوجه عام – أن المفهوم الذي يمكن إستخلاصة لشبكة الأمان الاجتماعي المناسبة لحالة الدولة العربية يتحدد في ملامح التعريف التالي “أن شبكات الأمان الاجتماعي بمثابة مظلة الحماية والرعاية الاجتماعية التي توفرها الدولة للمستحقين من فئات المجتمع، بهدف حمايتهم من الفقر، وتمكينهم من تحقيق أفضل مستوى معيشي، والتخفيف من الآثار السلبية للتغيرات الاقتصاد ية والاجتماعية التي يمر بها المجتمع، وتشتمل تلك الشبكات على مجموعة من السياسات والإجراءات والبرامج التي يتم اختيارها لتلبية احتياجات المستفيدين وفق رؤية تنموية مستقبلية للدولة“ ().
وبشكل عام فإن أكثر صور برامج شبكات الأمان الاجتماعي شيوعاً “التأمين الصحي، وإعانة ومعاشات كبار السن والفئات الخاصة، وتأمين وإعانة البطالة، وبرامج توفير فرص عمل، والصناديق الاجتماعية، والتمويل البالغ أو المتناهي الصغر، والتحويلات النقدية“().
(1) أنواع شبكات الأمان الاجتماعي:
تتعدد أنواع شبكات الأمان الاجتماعي، ولكنها تختلف بحسب الظروف التي تمر بها كل دول على حده، وذلك على النحو التالي:
(أ) شبكات الأمان الاجتماعي المؤقتة:
وهي شبكات تهدف إلى معالجة مشكلات طارئة أو مواجهة أوضاع أو أزمات اجتماعية حرجة أوجدتها ظروف اقتصادية أو سياسية معينة، أو هي شبكات تهدف إلى التصدي للأزمات الناجمة عن الحروب الأهلية أو الكوارث الطبيعية كالزلازل وغيرها()، ويتميز هذا النوع من الشبكات بالآتي():
- إنها شبكات ضرورية لالتقاط الأفراد الذين يفقدون عملهم، ويتعرضون للجوع أو المرض بصورة مفاجئة.
- تعد بمثابة نظام إنقاذ دوري للمتضررين والفقراء والمعرضين للمعاناة، والتهديد نتيجة للكوارث الطبيعية أو غيرها.
- تعد ضرورة ملحة لحماية الفقراء أثناء فترات الاضطراب أو التغير الاقتصادي.
- تناسب فئات السكان الأكثر تعرضاً للمخاطر الذين ليست لديهم المعرفة الكاملة بنظم إدارة تلك المخاطر.
يعاني هذا النوع من الشبكات من عدة عيوب تتضح فيما يلي():
- التركيز على مساعدة الفقراء في التصدي للأزمات فقط عند حدوثها، والذي من الممكن أن يؤدي ذلك إلى وقوعهم في فخ الفقر الدائم نتيجة عدم إتاحة أية فرص لهم.
- يعد هذا النوع من الشبكات مجرد إجراءات تتخذ في آخر المطاف، وتستخدم في أوقات الطوارئ والأزمات، وبعد ذلك يتم في أغلب الأحيان إهمالها أو التخلي عنها عقب انتهاء الأزمات أو حالات الطوارئ.
- عند وقوع الأزمات يمكن أن يكون من الصعب على الحكومات العثور سريعاً على التأييد السياسي والأموال والخبرة اللازمة للاستجابة للطوارئ والأزمات.
- لا تعطي للمواطنين فرصة النجاة من تداعيات الفقر بصفة دائمة، ولا تساعد على تمكين الفقراء.
- لا يمثل هذا النوع من الشبكات منهج شمولي متكامل لتخفيض أعداد الفقراء.
(ب) شبكات الأمان الاجتماعي الدائمة:
هي نوع من أنواع شبكات الأمان الاجتماعي التي تعد كنمط وقائي طويل المدى لتوفير القدر الملائم من الحماية الاجتماعية الدائمة للمواطنين، وغالباً ما يتم بنائها في الفترات التي تسبق إجراء تحولات أو تغيرات دائمة في النظم الاقتصاد ية أو الاجتماعية السائدة ()، ويتميز هذا النوع من الشبكات بالآتي():
- تستند إلى ترتيبات واستراتيجيات طويلة المدى لتوفير الحماية الاجتماعية للمستفيدين.
- تقوم على مبادئ توفير برامج تأمين اجتماعي ضد عدة مخاطر مثل “البطالة، والشيخوخة، وإصابات العمل، والعجز، والترمل، والمرض“.
- تتضمن قدر كبير من الإجراءات التدخلية الهادفة إلى زيادة القدرة على التغلب على المخاطر، ومعالجة مصادر تلك المخاطر.
- تمثل منهج شمولي (دائم) متكامل لتخفيف أعداد الفقراء وتمكينهم.
أما بالنسبة لأهم ما يعيب هذا النمط من شبكات الأمان الاجتماعي ما يلي():
- تتطلب توفير قدر كبير من الإعتمادات والمخصصات المالية.
- تتطلب البحث عن مصادر دائمة لتمويل المشروعات والبرامج التي يتم إنشائها ضمن الشبكة.
- تتطلب تنفيذ العديد من عمليات المراجعة والتقييم الدوري للعائد الاقتصاد ي والاجتماعي منها.
- إن هذا النوع من الشبكات لا يعطي نتائج سريعة بل تتطلب عملية تحقيق النتائج وقتاً أطول.
يتضح من ذلك أن شبكات الأمان الاجتماعي الطارئة أو المؤقتة اتخذت طابع المرحلية، أي تم بناءها كإجراء علاجي بهدف معالجة أوضاع اجتماعية أو تحت ظروف اقتصادية خاصة. بينما شبكات الأمان الاجتماعي الدائمة اكتسبت طابع الديمومة والشمولية، أي تم بناءها كنمط وقائي طويل المدى لتوفير الحماية الاجتماعية الدائمة لدى المواطنين، وغالباً ما يتم بناء هذا النوع من الشبكات في الفترات التي تسبق إجراءات التحول الاقتصاد ي والاجتماعي دائم.
(2) الأهداف الرئيسية لشبكات الأمان الاجتماعي:
تقوم شبكات الأمان الاجتماعي على ثلاث أهداف رئيسية تشكل فلسفتها وغاياتها الإستراتيجية، وهي():
(أ) مكافحة الفقر: حيث ينبغي العمل على تحسين الأوضاع المعيشية والاجتماعية للفئات الأشد فقراً في المجتمع، والصعود بها من مستوى حد الفقر الذي يعيق دور الأسرة ودرجة تكيفها مع المجتمع.
(ب) معالجة المظاهر السلبية لدولة الرفاة: على الرغم من أهمية مشروع دولة الرفاه إلا أنه لابد من ملاحظة ما يترتب على هذه المشاريع من إتجاهات سلبية ينبغي العمل على معالجة آثارها، ويعد إعتماد الفرد على الدولة في توفير احتياجاته ومتطلباته الأساسية من أهم تلك المظاهر السلبية.
(ج) تحفيز الطاقات وضمان المشاركة المجتمعية: يتمثل ذلك في مشاركة المنظمات غير الحكومية في جهود تخفيض أعداد الفقراء.
في ضوء ما سبق، تعتبر شبكات الأمان الاجتماعي أحد أهم آليات مكافحة الفقر، وهي تمثل مجموعة من الخدمات المتكاملة من تدابير الدعم المؤسسي تتعامل مع جميع الأفراد والفئات في المجتمع التي تحتاج لخدماتها، وخاصة من ذوي الدخول الضعيفة. كما أن تلك الشبكات قد تؤثر على الآليات المتعلقة بمكافحة الفقر أو الإقلال منه أو منعه سواء بالسلب أو بالإيجاب، وذلك بحسب كفاءة وفعالية خدماتها “كتقليص الفجوة بين الفئات المستهدفة والفئات الأخرى مثل الفئات الغنية أو المتوسطة، ومدى التحسن في مستوى معيشة الفئات المستهدفة، وقدرة تلك الفئات على الوصول إلى موارد وبرامج تلك الشبكات، والتغيرات في مقدار حصول المستفيدين على الخدمات والسلع، ومستوى الرفاهية الكلية للمجتمع“.
كما أن التناغم والتوازن بين آليات الحماية الاجتماعية على المستوى الحكومي (الرسمي)، أو على المستوى غير الحكومي (غير الرسمي) هي من أهم أهداف سياسات الحماية الاجتماعية.
رغم الجهود المبذولة من أجل بناء وتوسيع نطاق التغطية لشبكات الأمان الاجتماعي، فما يزال هناك جهد كبير منتظر بصورة ضرورية لتحقيق كفاءتها وفعاليتها. إن بناء أنظمة فعالة نسبياً لشبكات الأمان الاجتماعي يعتمد ويرتبط بالأساس على مستوى الدخل الوطني والناتج المحلي الإجمالي عموماً، وبالتالي فإن مدى توفير موارد مالية للدولة من خلال الموازنة العامة قد يحقق مزيداً من القوة والفعالية لنظم شبكات الأمان الاجتماعي.
ثانياً: تقييم أداء شبكات الأمان الاجتماعي في المنطقة العربية:
يعد فهم التحديات التي تواجه التنمية الاجتماعية متطلباً مسبقاً بالغ الأهمية للتصميم الفعال لأدوات شبكات الأمان الاجتماعي في المنطقة العربية. وتشتمل برامج شبكات الأمان الاجتماعي على سلسلة من الأدوات المرنة التي يمكن تصميمها بحسب أكثر الاحتياجات أولوية للمنتفعين المستهدفين، والتي تعزيز تحقيق الأهداف الثلاثة للشبكات والمتمثلة في “تشجيع الدمج الاجتماعي، ووسائل العيش، والمرونة“(). وعليه، تعتمد فعالية شبكات الأمان الاجتماعي على التحديد الدقيق للتحديات الرئيسية التي تواجه مختلف الشرائح والفئات الاجتماعية، مثل التحديات التي تسهم في إدامة الفقر عبر الأجيال، والتحديات التي تؤدي إلى وقوع الفئات الضعيفة في الفقر. ولتحقيق هذه الغاية، يرصد هذا الجزء من الدراسة بإيجاز لأهم التحديات الرئيسية التي تواجه شبكات الأمان الاجتماعي في الدول العربية، والمؤثرة على عملية تنفيذ الأدوار المنوطة بها، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر الآتي:
- استمرار تنامي ظاهرتي فقر الأطفال، وجيوب الفقر الجغرافية، نتيجة لضعف مستويات العدالة الاجتماعية “عدالة توزيع الفرص“، ويوضح الجدول رقم (1) معدل الفقر بين الأطفال في عدد من الدول العربية.
جدول رقم (1)
معدلات فقر الأطفال في المنطقة العربية، دول مختارة (2006/2010)
الدولة |
طفل (0-14) معدل الفقر (%) |
عام معدل الفقر (%) |
مصر (2009) |
29 |
22 |
العراق (2007) |
27 |
23 |
الأردن (2010) |
20 |
14 |
المغرب (2010) |
25 |
20 |
اليمن (2006) |
36 |
35 |
المصدر: بيانات المسوحات الأسرية المتوفرة، وهي تعتمد معدلات الفقر الوطنية، لكافة الدول باستثناء المغرب، ويعرف خط الفقر في المغرب على أنه الحد الفاصل لأفقر 20% من السكان. |
- تزايد المخاطر المترتبة على الشرائح والفئات الضعيفة “كارتفاع معدلات سوء التغذية وخصوصاً في الدول العربية ذات الدخول المتدنية، وبعض الدول ذات الدخل المتوسط، وضعف التحاق الأطفال في المنظومة التعليمية، وزيادة معدلات التسرب من المدرسة، وغيرها“.
- ضعف المساواة بالحصول على الخدمات الاجتماعية وفرص العمل، على الرغم من أن القدرة على العمل موزعة بشكل متساو ما بين الجنسين، فإنه لا تزال مشاركة النساء في القوى العاملة في المنطقة العربية متدنية، و هذا ليس بالضرورة من اختيارهن. وتتضمن العوامل الرئيسية التي تعيق مشاركة النساء في القوى العاملة في المنطقة العربية في ضعف أنظمة الدعم (مثل وسائل النقل العام، وخدمات رعاية الطفل)، وضعف التمكين، والنواقص التعليمية، والتمييز في الأجور، وغيرها().
- كما تواجه العديد من دول المنطقة العربية عدة تحديات، في مجال التطرق الفعال للصعوبات المتواصلة التي تواجه المعاقين، وتتضمن هذه التحديات معدلات البطالة العالية، وضعف سهولة النفاذ إلى الخدمات الاجتماعية، وغيرها، والتي قد تسبب الإقصاء والتهميش الاجتماعي().
وعلى الرغم من تلك التحديات، لا تزال المنطقة العربية تعاني من تراجع الأداء مقارنة بمناطق الأخرى في كفاءة استخدام موارد شبكات الأمان الاجتماعي، وتعتمد معظم دول المنطقة على نهج من أصل نهجين لشبكات الأمان الاجتماعي، هما():
- الاعتماد بشكل رئيسي على أنظمة الدعم العام (البطاقات التموينية) غير كفؤة، وفي صالح غير الفقراء، مما يؤثر على فعالية التدخلات.
- توفير مجموعة من البرامج المجزأة محدودة الأثر على مكافحة الفقر واللامساواة بسبب قلة التغطية، والتسرب، ومحدودية المنافع.
هذا، ويظهر ذلك التراجع بوضوح من خلال النقاط التالية:
- تجزئة برامج شبكة الأمان الاجتماعي؛ تتجزأ شبكات الأمان الاجتماعي في المنطقة العربية بين عدد كبير من البرامج الصغيرة، حيث أن شبكات الأمان الاجتماعي في المنطقة تنقسم إلى العديد من البرامج الصغيرة. كما يوضحها الشكل رقم (1(، فعلى سبيل المثال، يوجد في المغرب 12 برنامجاً مختلفاً تهدف جميعها إلى زيادة معدلات الالتحاق المدرسي.
شكل رقم (1)
مزيج من برامج شبكات الأمان الاجتماعي التي لا تقدم دعماً للأسعار حسب النوع في المنطقة العربية (2008/2011)
المصدر: بيانات البنك الدولي لعام 2012.
- الأثر الضئيل لشبكات الأمان الاجتماعي على الفقر واللامساواة، حيث في الغالب لا تصل شبكات الأمان الاجتماعي التي لا تقدم دعماً للأسعار إلى ثلثي السكان ضمن أفقر %20()، وتعد الضفة الغربية وقطاع غزة (دولة فلسطين) المكان الوحيد في المنطقة الذي تتجاوز فيه تغطية شبكات الأمان الاجتماعي المتوسط العالمي، حيث تغطي برامج الحكومة والمانحين والمنظمات غير الحكومية أكثر من أفقر %20 من السكان، كما هو مبين في الجدول رقم (2)، وبشكل عام، تقل تغطية شبكات الأمان الاجتماعي لأفقر %20 من السكان في المنطقة العربية عن المتوسط العالمي بأكثر من النصف تقريباً ().
جدول رقم (2)
تغطية شبكات الأمان الاجتماعي التي لا تقدم دعماً للأسعار في بعض الدول العربية مقارنةً بمناطق أخرى
الدولة/ الإقليم |
السنة |
نسبة التغطية |
الضفة الغربية وقطا غزة (دولة فلسطين) |
2009 |
52% |
اليمن |
2005 |
30% |
الأردن |
2010 |
20% |
المغرب |
2010 |
16% |
مصر |
2009 |
16% |
العراق |
2007 |
5% |
جيبوتي |
2002 |
2% |
الشرق الأوسط وشمال أفريقيا |
2012 |
18% |
العالم |
2012 |
40% |
شرق آسيا والمحيط الهادي |
2012 |
48% |
أوروبا وآسيا الوسطى |
2012 |
51% |
أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي |
2012 |
50% |
المصدر: بيانات البنك الدولي لعام 2012. |
- يعتبر الاستهداف الجغرافي والفئوي الأكثر استخداماً من قبل برامج شبكات الأمان الاجتماعي في المنطقة العربية. مما يؤدي إلى ارتفاع معدلات التسرب، ويتم تطبيق أساليب استهداف مختلفة في سياقات متعددة، ففي المنطقة العربية، معظم برامج شبكات الأمان الاجتماعي تستخدم أساليب الاستهداف الجغرافي والفئوي، والتي تعد فعالة في البيئات التي يتركز فيها الفقر، وليس عندما يكون للفقر أوجه متعددة، ويمتد بشكل متناثر، وفي هذه الحالة، يفضل استخدام الأساليب التي تحدد الأسر أو الأفراد المستحقين للدعم على أساس اختبار مصادر الدخل البديلة، وبالنظر إلى الاعتماد المفرط على أساليب الاستهداف الجغرافي والفئوي، تعتبر معدلات التسرب في المنطقة العربية مرتفعةً للغاية، حيث أن %25 فقط من المنتفعين من شبكات الأمان الاجتماعي التي لا تقدم دعماً للأسعار يأتون من أفقر %20 من السكان، بينما يمثل الخمس الأغنى نحو %15 من مجموع المنتفعين من هذه الشبكات، كما هو مبيّن في الشكل رقم (2)، وتؤكد المقارنة مع المناطق الأخرى ضعف أداء شبكات الأمان الاجتماعي في المنطقة العربية من حيث انتشار المنتفعين، حيث يشكل الخمس الأفقر من السكان أكثر من %30 من المنتفعين من شبكات الأمان الاجتماعي في باقي مناطق العالم، والتي تتصدرها منطقتي “أمريكا اللاتينية، والبحر الكاريبي” بنسبة %36، وعلى الرغم من ذلك، بدأت بعض أجزاء المنطقة العربية تحسين أساليب استهدافها، فعلى سبيل المثال، يتعمد صندوق المعونة الوطنية في الأردن على اختبار مشابه لاختبار التحقق من مصادر الدخل بالإضافة إلى الاستهداف الفئوي، بينما بدأت الضفة الغربية وقطاع غزة (دولة فلسطين)، واليمن، وحديثاً لبنان، بتطبيق الاستهداف على أساس اختبار مصادر الدخل البديلة().
شكل رقم (2)
مزيج برامج شبكات الأمان الاجتماعي التي لا تقدم دعماً للأسعار في بعض الدول العربية حسب نوع الاستهداف (2008/2011)
المصدر: بيانات البنك الدولي لعام 2012.
شكل رقم (3)
انتشار المنتفعين من شبكات الأمان الاجتماعي التي لا تقدم دعماً للأسعار في بعض الدول العربية مقارنةً بمناطق أخرى
المصدر: بيانات البنك الدولي لعام 2012.
- يشكل تحديد حجم المنافع المقدمة من قبل برامج شبكات الأمان الاجتماعي أمراً غاية في الأهمية، لكنه يتطلب في الوقت ذاته اتخاذ قرارات صعبة على مستوى السياسات، فمن ناحية، يجب أن توفر شبكات الأمان حماية كافية للاستهلاك لصالح الفئات الأكثر تعرضاً للمعاناة، والفئات غير قادرة على إعالة نفسها بفعل عاملي“السن، والإعاقة“، بالإضافة إلى الفئات التي تحتاج للمساعدة الطارئة للتعافي من الأزمات والصدمات الاقتصاد ية أو الصحية، ومن ناحية أخرى، قد يؤدي تقدم منافع سخية للغاية إلى تثبيط البالغين في سن العمل والقادرين جسدياً على العمل عن المشاركة في سوق العمل، وتشجيعهم على الاعتماد على المساعدات المقدمة من قبل الحكومة. كما يعتبر سخاء شبكات الأمان الاجتماعي التي لا تقدم دعماً للأسعار في المنطقة العربية ضئيلاً، فكما يوضح الشكل رقم (4)، تشكل تحويلات شبكات الأمان الاجتماعي التي لا تقدم دعماً للأسعار أقل من 25% من رفاهية الخمس الأفقر من السكان (وذلك بحسب الاستهلاك أو الإنفاق أو الأصول)، ويظهر أكبر أثر لتحويلات شبكات الأمان الاجتماعي على رفاهية الخمس الأفقر من السكان في الضفة الغربية وقطاع غزة (دولة فلسطين)، ويأتي الأردن في المرتبة الثانية، وفي دولة مثل اليمن، فإن بالكاد تتأثر مستويات الاستهلاك لدى المنتفعين ضمن الخمس الأفقر من السكان بشكل عام، وبينما يقدم نظام شبكات الأمان الاجتماعي حسب المتوسط العالمي تحويلات تشكل نحو %20 من رفاهية الخمس الأفقر من السكان، إلا أن هذه النسبة تصل إلى %12 فقط في المنطقة العربية، أي أنها تقل بكثير عن المناطق الأخرى، ويدل ذلك على أنه من الممكن زيادة سخاء منافع شبكات الأمان الاجتماعي دون التسبب في خلق حوافز سلبية كبيرة لعدم المشاركة في القوى العاملة().
شكل رقم (4)
سخاء منافع شبكات الأمان الاجتماعي التي لا تقدم دعماً للأسعار في بعض الدول العربية مقارنةً بمناطق أخرى
المصدر: بيانات البنك الدولي لعام 2012.
- معظم شبكات الأمان الاجتماعي التي لا تقدم دعماً للأسعار في المنطقة العربية أثرها ضئيل على الفقر واللامساواة وأبرز مؤشر على فعالية شبكات الأمان الاجتماعي هو أثرها على الفقر واللامساواة، ويجمع هذا المؤشر ما بين التغطية، والاستهداف، وسخاء برامج شبكات الأمان الاجتماعي وذلك من أجل تقييم الأثر العام الذي تتركه شبكات الأمان الاجتماعي على توزيع الرفاه في البلاد، وباستثناء الضفة الغربية وقطاع غزة (دولة فلسطين) والأردن، يوجد لشبكات الأمان الاجتماعي في المنطقة أثر قليل على معدلات الفقر، بحسب التقديرات من خلال محاكاة افتراضية في حال عدم وجود شبكات الأمان الاجتماعي – انظر الجدول رقم (3) – ويقلل وجود شبكات الأمان الاجتماعي في كل من “مصر، والعراق، واليمن” من معدلات الفقر في هذه الدول بنسبة %3 على أقصى تقدير، ويعد أداء شبكات الأمان الاجتماعي في المنطقة العربية أفضل من حيث الأثر على الفقر مقارنةً بشبكات الأمان الاجتماعي في منطقة شرق آسيا، لكنه أسوأ بكثير من المتوسط العالمي أو الأداء في مناطق “أوروبا، وآسيا الوسطى، وأمريكا اللاتينية، والبحر الكاريبي“، وبشكل ملحوظ، يوجد لشبكات الأمان الاجتماعي في الضفة الغربية وقطاع غزة (دولة فلسطين) أثر أكبر على الفقر مقارنةً بأفضل منطقة من حيث الأداء (أوروبا، وآسيا الوسطى). باستثناء الضفة الغربية وقطاع غزة (دولة فلسطين)، لا يوجد لمعظم شبكات الأمان الاجتماعي في المنطقة أثر ملحوظ على توزيع الرعاية الاجتماعية، وتتصدر الضفة الغربية وقطاع غزة (دولة فلسطين) المنطقة من حيث أثر شبكات الأمان الاجتماعي على اللامساواة، حيث تعمل الشبكات فيها على تقليل معامل جيني بأكثر من %7 (بحسب تقديرات البنك الدولي) وتعد ذات أداء مميز ليس مقارنةً بباقي أجزاء المنطقة العربية فحسب، بل بباقي المناطق الأخرى أيضاً من ناحية أخرى، وبالتحديد في” مصر، والعراق، واليمن“، يوجد لشبكات الأمان الاجتماعي أثر لا يذكر على توزيع الرعاية الاجتماعية، حيث ينخفض معامل جيني بأقل من %1 (بحسب تقديرات البنك الدولي)، وتظهر المقارنات مع المناطق الأخرى أنه ومن حيث الأثر على تقليل اللامساواة، تحتل المنطقة ترتيباً متوسطاً بين مختلف المناطق الأخرى، حيث أنها تأتي في ترتيب أقل من مناطق “أوروبا، وآسيا الوسطى، وأمريكا اللاتينية، والبحر الكاريبي“، لكن ترتيبها يعد أفضل من منطقة شرق آسيا. كما ساهم تدني التغطية، وضعف الاستهداف، وقلة سخاء تلك الشبكات في المنطقة العربية في الوصول إلى هذه الآثار النسبية المتدنية على الفقر واللامساواة، حيث تحد قلة التغطية وسخاء شبكات الأمان الاجتماعي في المنطقة من أثر تلك الشبكات على الفقر، ويقيس الأثر على اللامساواة أثر شبكات الأمان الاجتماعي على توزيع الرعاية الاجتماعية، وعليه، يرتبط هذا الأثر بشكل مباشر مع دقة الاستهداف، وحتى مع استثناء دعم الأسعار والبطاقات التموينية، لا تستهدف تلك الشبكات الفئات الضعيفة بشكل كافي، الأمر الذي يفسر وجود أثر ضئيل على معامل جيني.
جدول رقم (3)
أثر شبكات الأمان الاجتماعي التي لا تقدم دعماً للأسعار في بعض الدول العربية على الفقر واللامساواة، اقتصاديات مختارة (2005/2010)
الدولة/ الإقليم |
السنة |
أثر شبكات الأمان الاجتماعي على معدل الفقر (الأثر على معدل الفقر) (%) |
أثر شبكات الأمان الاجتماعي على معامل جيني (الأثر على اللامساواة) (%) |
الضفة الغربية وقطاع غزة (دولة فلسطين) |
2009 |
17.5 |
7 |
الأردن |
2010 |
8 |
2 |
مصر |
2009 |
3 |
0.9 |
العراق |
2005 |
3 |
0.8 |
اليمن |
2007 |
3 |
0.7 |
الشرق الأوسط وشمال أفريقيا |
2010 |
4 |
1 |
العالم |
2010 |
8 |
0.9 |
شرق آسيا والمحيط الهادي |
2010 |
3 |
0.7 |
أوروبا وآسيا الوسطى |
2010 |
16 |
3.1 |
أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي |
2010 |
11 |
2.1 |
المصدر: بيانات البنك الدولي لعام 2012. |
- يعتبر الدعم الشامل للأسعار غير كفؤ وفي صالح غير الفقراء، لكن العديد من الأشخاص يعتمدون عليه، حيث يذهب قسم كبير من الدعم الشامل للأسعار إلى غير الفقراء، ويتمثل السبب الأكثر شيوعاً للاعتماد على دعم الأسعار في حماية الفقراء من خلال ضمان الوصول إلى الغذاء والسلع الأساسية الأخرى بأسعار في متناولهم، وعند استخدامه ضمن شبكات الأمان الاجتماعي، يعاني دعم الأسعار من وجود قصور كبير في دقة الاستهداف، ويعتبر القصور الناتج عن تسرب دعم الأسعار كبيراً، حيث يمكن توفير أكثر من %70 (بحسب تقديرات البنك الدولي) من الإنفاق على دعم أسعار الغذاء في” مصر، والعراق” في حال تمت إزالة ذلك التسرب. رغم ذلك، وبالنظر إلى أثرها الواضح بالإضافة إلى درجة التعرض للمعاناة المرتفعة في المنطقة العربية، يوجد لدعم الأسعار أثر ملموس على الفقر، ويتوجب أخذ هذه الحقيقة بالحسبان عند التفكير بإجراء أية إصلاحات بهذا الصدد. وعلى الرغم من ضعف كفاءتها، سيكون لإزالة دعم الأسعار تأثيرات سلبية بالغة في العديد من دول المنطقة العربية، وبالنظر إلى تغطيتها وسخائها الكبيرين (من حيث معدلات دعم الأسعار للسلع الأساسي في السلال الاستهلاكية)، يوجد لدعم الأسعار آثار رئيسية على إبقاء المواطنين خارج دائرة الفقر، ففي “مصر، والعراق” ساهمت البطاقات التموينية الغذائية في تقليل معدلات الفقر بأكثر من 30% ، أي بنحو 10 نقاط مئوية (بحسب تقديرات البنك الدولي)، وبشكل ملحوظ، كان لدعم أسعار الوقود أثر أقل على الفقر مقارنةً بدعم أسعار الغذاء، وبالنظر إلى الأثر الملموس لدعم الأسعار على تقليل معدلات الفقر والأثر المتدني لشبكات الأمان الاجتماعي التي لا تقدم دعماً للأسعار، لذلك يجب أن يترافق الإصلاح المستدام لدعم الأسعار مع توسيع كبير للأدوات الأخرى لشبكات الأمان الاجتماعي والتي تشجع على “الدمج، والسبل المعيشية، والمرونة“.
ثالثاً: أثر ضعف أداء شبكات الأمان الاجتماعي على مستوى ارتفاع معدلات الفقر والبطالة في المنطقة العربية:
أصبح عالم اليوم متخماً بالمشكلات والمخاطر الاجتماعية بشكل عام. ولاسيما في مختلف البلدان العربية، حيث تواجه مجموعة متشعبة وعديدة من تلك المشكلات والمخاطر، والتي تمس بدورها مختلف مكونات تلك المجتمعات، كان أبرزهما ارتفاع معدلات ظاهرتي الفقر والبطالة، والتي هي محصلة لضعف أداء شبكات الأمان الاجتماعي، وبهذا الصدد يمكن للباحث أن يتناول بشيء من التفصيل أوضاع ظاهرتي الفقر والبطالة في المنطقة، كنتيجة لذلك الضعف، على النحو التالي:
(1) تفشي ظاهرة الفقر:
تعتبر قضية الفقر بمثابة قضية كل العصور منذ أن وجد التفاوت في قدرات البشر، وفي ظروفهم وفي تطلعاتهم وأرزاقهم، ولعل أخطر نتائج الفقر هو أنه يؤدي إلى تآكل الثروة البشرية التي هي بحق أثمن ما في الوجود، وتنبعث ظاهرة الفقر من منطلقات إيديولوجية واقتصادية وثقافية، وهي بشكل عام لا تمثل ظاهرة في المجتمع بل تترجم خلل ما في تنظيم هذا المجتمع، والفقر ليس صفة بل هو حالة يمر بها الفرد تبعاً لمعايير محددة، فالفقر من المفاهيم المجردة النسبية، فهو مفهوم يحاول وصف ظاهرة اجتماعية واقتصادية بالغة التعقيد والتشابك من جهة. كما أنه يختلف باختلاف المجتمعات والفترات التاريخية وأدوات القياس والخلفية الفكرية والأخلاقية للمتصدي لدراسته من جهة أخرى.
ويعتبر تعريف الفقر الذي تقدمه تقارير التنمية البشرية من أكثر التعريفات شيوعاً في هذا الصدد، حيث نجد تعريفاً للفقر باعتباره ظاهرة متعددة الأبعاد، فالفقر أكثر من كونه افتقاراً إلى ما هو ضروري للرفاهية المادية. كما يمكن أن يعنى أيضاً حرماناً من الفرص والخيارات، التي تعتبر أساسية أكثر من أي شيء آخر للتنمية البشرية.
استنادًا إلى دليل الفقر المتعدد الأبعاد بتقرير التنمية البشرية لسنة 2014 – تجدر الإشارة إلى أنه قد استُخدم هذا الدليل للمرة الأولى في تقرير التنمية البشرية لعام 2010 من أجل قياس أوجه الحرمان في الأبعاد الثلاثة لدليل التنمية البشرية أي الصحة، والتعليم، ومستوى المعيشة – يتضح أنه في 104 من البلدان النامية، يعيش 1.2 مليار شخص على 1.25 دولار أو أقل في اليوم. إلا أن عدد الأشخاص الذين يعانون من الفقر المتعدد الأبعاد في 91 بلدًا ناميًا يقارب 1.5 مليار. ولا يزال في العالم أكثر من 2.2 مليار شخص حالة فقر متعدد الأبعاد أو يشارفون على الوقوع فيه.
وبحسب دليل الفقر المتعدد الأبعاد، يصنف 61% من سكان الصومال ضمن هذه الفئة من الفقراء. أما حسب الأرقام المطلقة، فيسجل اليمن أكبر عدد من الفقراء الذين يعيشون أوجها متعددة ومتداخلة من الحرمان، إذ بلغ عددهم 7.7 مليون شخص في عام 2006، آخر عام تتوفر عنه البيانات، ويعيش الأطفال والنساء، الذين يشكلون أعلى نسبة من أعداد النازحين، الحرمان بأوجه متعددة. وكثيراً ما يعيشون في الفقر، محرومين من الخدمات العامة الأساسية كالرعاية الصحية والتعليم. ويمكن لهذا الحرمان أن يؤدي إلى مشاكل صحية تعيش مع الفرد مدى الحياة، فتؤثر على نموه العقلي، وتفقده سبل معيشته، وتقوض إمكاناته على المدى الطويل. وفيما يخص حصة أبعاد الحرمان من الفقر العام نجد أن أكبر حصة كانت لبعد الصحة بنسبة 72.3% بفلسطين لسنة 2007 ثم نجد أن أكبر بعد يطغى عليه الحرمان بالعراق هو بعد التعليم بنسبة قدرت ب 50.1% كذلك هو الشأن بالنسبة لسوريا حيث بلغت النسبة 44.4%.
جدول رقم (4)
مؤشرات دليل الفقر متعدد الأبعاد
البلد |
سنة المسح |
السكان الذين يعيشون في الفقر متعدد الأبعاد |
السكان المعرضون للفقر متعدد الأبعاد (%) |
السكان الذين يعيشون في الفقر المدقع (%) |
حصة أبعاد الحرمان من الفقر العام |
نسبة السكان الذين يعيشون دون خط فقر الدخل 2002-2012 |
||||
مجموع السكان بالآلاف |
شدة الحرمان (%) |
التعليم |
الصحة |
مستوى المعيشة |
1.25 دولار في اليوم بمعادل القوة الشرائية |
خط الفقر الوطني |
||||
جيبوتي |
2006 M |
212 |
47.3 |
16.0 |
11.1 |
36.1 |
22.7 |
41.2 |
18.84 |
.. |
مصر |
2008 D |
6740 |
40.3 |
8.6 |
1.5 |
41.8 |
45.6 |
12.6 |
1.69 |
25.2 |
العراق |
2011 M |
4236 |
39.4 |
7.4 |
2.5 |
50.1 |
38.6 |
11.3 |
2.82 |
22.9 |
الاردن |
2009 D |
64 |
36.8 |
4.1 |
0.1 |
33.7 |
56.3 |
10.0 |
0.12 |
13.3 |
موريتانيا |
2007 M |
2197 |
54.9 |
12.8 |
42.3 |
33.5 |
18.2 |
48.3 |
23.43 |
42 |
فلسطين |
2006/2007 N |
74 |
36.9 |
7.4 |
0.1 |
16.6 |
72.3 |
11.1 |
0.04 |
21.9 |
الصومال |
2006 M |
7104 |
61.1 |
8.3 |
63.6 |
33.7 |
18.8 |
47.5 |
.. |
.. |
سوريا |
2006 M |
1197 |
38.0 |
7.7 |
0.9 |
44.4 |
43.1 |
12.5 |
1.71 |
.. |
تونس |
2011/2012 M |
161 |
39.3 |
3.2 |
0.2 |
33.7 |
48.2 |
18.1 |
.. |
.. |
اليمن |
2006 M |
7741 |
50.9 |
16.7 |
18.4 |
33.4 |
21.3 |
45.3 |
17.53 |
34.8 |
المصدر: تقرير التنمية البشرية للعام 2014، برنامج الأمم المتحدة الإنمائي.
وعلى الرغم من التقدّم الذي أُحرز مؤخراً في مجال الحد من تفشي ظاهرة الفقر، حيث أن أكثر من 15% من سكان العالم معرّضون للفقر المتعدد الأبعاد، وفي الوقت نفسه، تفتقر ما نسبته80 % من سكان العالم إلى الحماية الاجتماعية الشاملة، وهو ما يعني أن حوالي 12% من سكان العالم (842 مليون شخص) يعانون من الجوع المزمن().
كما تبين مؤشرات الفقر تقدم الدول العربية في تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية إلا أن هناك تبايناً في مدى تحقيق تلك الأهداف. حيث كانت دول مجلس التعاون الخليجي هي الأكثر تقدماً في تحقيقها. ورغم تراجع نسبة الفقر في عدد من الدول العربية إلا أنها مازالت مرتفعة في بعض الدول الأخرى. وتبرز مؤشرات الفقر أن هناك انخفاضاً قد بلغ نحو 1.4%، حيث بلغت النسبة في عام 1990 نحو 5.5%، بينما بلغت في عام 2010 حوالي 4.1%، إلا أن تلك النسبة عادت للارتفاع في عام 2012 لتبلغ مستوى 7.4% باستخدام خط الفقر الدولي 1.25 دولار في اليوم، بواسطة المكافئ الشرائي للدولار.
تجدر الإشارة إلى أننا اعتمدنا خط الفقر الدولي 1.25 دولار في اليوم، بواسطة المكافئ الشرائي للدولار خطاً للفقر بالنسبة للدول ذات تنمية بشرية منخفضة في حين اعتمدنا خط الفقر دولارين في اليوم، بواسطة المكافئ الشرائي للدولار خطاً للفقر بالنسبة للدول ذات تنمية بشرية عالية والدول ذات تنمية بشرية متوسطة. ويبرز الجدول رقم (5) تطور نسب الفقر بالدول العربية في العقدين الماضيين حيث شهدت نسب الفقر تراجعاً واضحا بكل الدول العربية غير أنها لا تزال مرتفعة بالدول ذات التنمية البشرية المنخفضة، وبرزت أعلى نسبة للفقر بجزر القمر حيث بلغت 46.11% سنة 2004 ، كما بلغت فجوة الفقر 20.8% كما تدل البيانات على وجود نسب مرتفعة للفقر بموريتانيا بلغت 23.4% سنة 2008، كذلك في العراق والجزائر ومصر والسودان وسوريا والمغرب واليمن.
جدول رقم (5)
تطور نسب الفقر وتوزيع الدخل بالدول العربية
البلد |
السنة |
متوسط الانفاق الشهري للفرد (2005 PPP$) |
نسبة الفقر* |
فجوة الفقر* |
معامل جيني |
الأردن |
1992 |
174.68 |
14.74 |
3.37 |
43.36 |
الأردن |
2010 |
214.31 |
1.17 |
0.16 |
33.69 |
تونس |
1990 |
151.33 |
19 |
5.42 |
40.24 |
تونس |
2010 |
228.04 |
4.45 |
0.96 |
35.79 |
الجزائر |
1988 |
128.32 |
23.68 |
6.34 |
40.19 |
الجزائر |
1995 |
122.25 |
22.76 |
6.15 |
35.33 |
فلسطين |
2004 |
272.09 |
1.75 |
0.38 |
33.97 |
فلسطين |
2009 |
304.1 |
0.61 |
0.12 |
34.46 |
مصر |
1991 |
100.88 |
27.61 |
5.97 |
32 |
مصر |
2008 |
114.02 |
15.4 |
2.83 |
30.75 |
سوريا |
2004 |
135.38 |
16.82 |
3.28 |
35.78 |
العراق |
2007 |
100.77 |
22.3 |
4.68 |
28.6 |
العراق |
2012 |
105.96 |
21.14 |
4.68 |
29.54 |
المغرب |
1985 |
112.9 |
28.5 |
8.48 |
39.19 |
المغرب |
2007 |
160.43 |
14.2 |
3.21 |
40.88 |
اليمن |
1998 |
96.97 |
10.47 |
2.37 |
33.44 |
اليمن |
2005 |
93.94 |
9.78 |
1.87 |
35.91 |
جزر القمر |
2004 |
94.4 |
46.11 |
20.82 |
64.3 |
موريتانيا |
1987 |
60.98 |
41.32 |
17.99 |
43.94 |
موريتانيا |
2008 |
84.37 |
23.43 |
6.79 |
40.46 |
السودان |
2009 |
81.58 |
19.8 |
5.46 |
35.29 |
جيبوتي |
2002 |
93.52 |
18.83 |
5.29 |
39.96 |
جيبوتي |
2012 |
114.92 |
16.96 |
7.26 |
45.13 |
تم اعتماد خط الفقر الدولي 1.25 بالمكافئ الشرائي للدولار خطا للفقر بالدول ذات التنمية البشرية المنخفضة و2 بالمكافئ الشرائي للدولار بالدول متوسطة وعالية الدخل. المصدر: الموقع الالكتروني/قاعدة بيانات البنك الدولي حول الفقر، |
هذا، ويعتبر النمو الاقتصاد ي وهيكل توزيع الدخل في المجتمع من أهم العوامل المؤثرة على مستويات الفقر في المجتمع. إذ يمكن لمعدلات نمو موجبة أن تؤدي إلى ارتفاع معدلات الفقر بالبلدان إذا ما توافق ذلك مع تحيز ضد الفقراء في توزيع الدخل (ضعف عدالة التوزيع). لذلك يعتبر التوزيع العادل للدخل أحد أهم العوامل المؤدية إلى القضاء على الفقر. ويعتبر معامل جيني أحد المؤشرات التي تقيس عدالة التوزيع للدخل في المجتمع. وبالنظر إلى قيمة معامل جيني() خلال السنوات الأخيرة – كما في الجدول رقم (5) نلاحظ بأن توزيع الدخل تحسن بشكل عام في أغلب الدول العربية مثل “الأردن ، وتونس، والجزائر، وموريتانيا، ومصر” غير أنه لا يزال مرتفعاً بنسب تفوق 33% وهي قيمة غير مطمئنة ومرتفع في الوقت نفسه.
وبالرغم من أهمية معامل جييني إلا أنه لا يعطي صورة واضحة عن هيكل توزيع الدخل أو الانفاق بين مختلف شرائح الدخل، وفي هذه الحالة يمكن الاعتماد على أساليب أخرى تفي بالغرض لعل أهمها منحنى نمو الفقر (Poverty Growth Curve) ومنحنى تأثير النمو(Growth Incidence Curve) الذي يتم من خلاله تحليل نمو الدخل أو إنفاق الفرد داخل الشرائح الدخلية أوشرائح الإنفاق المختلفة لعشيرات الدخل المختلفة، وهو ما يسمح بالتعرف على كيفية تغير دخل أو انفاق الطبقات الفقيرة في المجتمع سواء بالمقارنة مع الطبقات الثرية أو بالمقارنة مع تطور متوسط الدخل أو الإنفاق في المجتمع ككل().
ولدراسة تأثر الفقراء بتوزيع الدخل قمنا باحتساب كل من منحنى نمو الفقر (PGC) ومنحنى تأثير النمو (GIC) على مجموعة من الدول العربية ((Son, 2003، وهي “الجزائر، مصر، العراق، الأردن، موريتانيا، المغرب، تونس، فلسطين واليمن“، وذلك اعتماداً على بيانات الفقر بالبنك الدولي (Povcal net) وأحدث مسوحات الانفاق المتوفرة. وقد اعتمدنا خط الفقر الدولي المقدر بـــ 1.25 دولار للفرد في اليوم بمكافئ القوة الشرائية. ومعادلات النمو التالية ( Ravallion & Chen, 2003):
- معادلة منحنى نمو الفقر.
مع العلم أن:
g(p): منحنى نمو الفقر.
g: نمو متوسط انفاق المجتمع.
:L(p) منحنى لورنز.
- معادلة منحنى تأثير النمو.
مع العلم أن:
r(p): منحنى تأثير النمو.
g : نمو متوسط إنفاق المجتمع.
L’(p): نصيب مختلف الشرائح من الإنفاق.
جدول رقم (6)
منحنى نمو الفقر في بعض الدول العربية (وفق عشيرات الدخل)
البلد |
الجزائر |
مصر |
العراق |
الأردن |
موريتانيا |
المغرب |
تونس |
فلسطين |
اليمن |
|
سنوات المسوحات |
2000_ 2011 |
2005_ 2008 |
2007_ 2012 |
2008_ 2010 |
2004_ 2008 |
2001_ 2007 |
2005_ 2010 |
2007_ 2009 |
1998_ 2005 |
|
نمو اجمالي النفاق |
3.30 |
2.34 |
3.43 |
8.82 |
4.11 |
3.92 |
3.68 |
8.76 |
2.37 |
|
منحنى نمو الفقر |
10 |
4.12 |
3.08 |
2.08 |
7.34 |
3.01 |
3.21 |
4.59 |
21.05 |
3.55 |
20 |
3.98 |
3.18 |
2.44 |
7.45 |
2.98 |
4.04 |
4.53 |
17.59 |
3.18 |
|
30 |
4.10 |
3.18 |
2.60 |
7.54 |
3.44 |
4.19 |
4.51 |
16.41 |
2.68 |
|
40 |
3.93 |
3.14 |
2.79 |
7.63 |
3.87 |
4.21 |
4.48 |
15.11 |
2.31 |
|
50 |
3.82 |
3.09 |
2.95 |
7.74 |
4.16 |
4.14 |
4.45 |
13.96 |
2.04 |
|
60 |
3.83 |
3.02 |
3.06 |
7.86 |
4.37 |
4.07 |
4.41 |
13.10 |
1.84 |
|
70 |
3.71 |
2.94 |
3.18 |
7.96 |
4.51 |
3.98 |
4.36 |
12.43 |
1.71 |
|
80 |
3.66 |
2.84 |
3.31 |
8.09 |
4.61 |
3.86 |
4.30 |
11.53 |
1.62 |
|
90 |
3.61 |
2.72 |
3.42 |
8.25 |
4.69 |
3.69 |
4.22 |
10.61 |
1.58 |
|
100 |
3.30 |
2.34 |
3.43 |
8.82 |
4.11 |
3.92 |
3.68 |
8.76 |
2.37 |
|
المصدر: مصادر بيانات Povcal net وبعض مسوحات الإنفاق. |
شكل رقم (5)
منحنى تأثير النمو في بعض الدول العربية (وفق عشيرات الدخل)
المغرب (2001-2007) |
الجزائر (2000-2011) |
مصر (2005-2008) |
العراق (2007-2012) |
الأردن (2008-2010) |
تونس (2005-2010) |
اليمن (1998-2005) |
موريتانيا (2004-2008) |
فلسطين (2007-2009) |
المصدر: حسبت بواسطة معد الورقة بواسطة برمجية أكسل ومصادر بيانات Povcal net وبعض مسوحات الإنفاق.
يتبين لنا من خلال النتائج في الجدول رقم (6) والشكل رقم (5) أن متوسط معدل نمو الإنفاق كان موجباً عند كل الدول العربية محل الدراسة (الجزائر، مصر، العراق، الأردن، موريتانيا، المغرب، تونس، فلسطين، واليمن)، وأن معدل نمو إنفاق الفرد ضمن عشيرات الإنفاق الدنيا كان أعلى من معدل النمو العام للإنفاق في كل من “الجزائر،مصر، تونس، وفلسطين” وهو ما يدل على تحسن وضع الفقراء خلال السنوات محل الدراسة، في حين أن معدل نمو إنفاق الفرد في العشير الأدنى بالمغرب والبالغ 3.21% كان أقل من معدل النمو العام للإنفاق والذي بلغ 3.92%، كما يتبين من النتائج أن معدل نمو إنفاق الفرد ضمن عشيرات الإنفاق الدنيا في كل من “العراق، الأردن، موريتانيا، واليمن” لم يتجاوز معدل نمو الإنفاق العام، وهو مايدل على تدهور وضع الفقراء في هذه الدول.
وبناء على ما سبق، يتضح بأن هناك تأثيران أساسيان على الأمن الاجتماعي من خلال الدلالة المباشرة المتصلة بالحقوق الأساسية لمختلف الفئات والشرائح الاجتماعية، حيث تتحصل شرائح واسعة في المجتمعات العربية على دخول أقل، وهو ما يعني قدرات شرائية متدنية ومستويات معيشية منخفضة، وهو ما يزيد من مخاطر الانزلاق في الفقر أو ارتفاع وتيرته ومعدلاته، هذا بالإضافة لتأثيرات ذلك التفاوت والإختلال في مستويات توزيع الدخول على الإحساس بعدم العدالة أو بالاقصاء الاجتماعي، وهو الأمر الذي يترتب عليه تنامي العديد من الظواهر السلبية التي قد تصب في معظمها في غير صالح مسألة الأمن الاجتماعي.
هذا، وتؤكد العديد من الأدبيات بأن للفقر آثار اجتماعية واقتصادية كبيرة على البلدان، حيث أنه عامل سلبي يؤدي إلى تفاقم الوضع وتدهوره أكثر، فإذا كانت هناك أسباب معينة أدت إلى ظهوره، فإنه يؤدي إلى تعقيد هذه الأسباب، وبالتالي ارتفاع تكلفة الحد منه أو القضاء عليه، ومن تلك الآثار عدم تمكين الأطفال من التمدرس، أو التمدرس الجيد، فارتفاع عبء الإعالة الذي هو من أسباب الفقر يؤدي بالآباء إلى التخلي عن مسؤولياتهم في تعليم أطفالهم، وتوفير الظروف الملائمة لذلك، مما يؤدي إلى انتشار الأمية بين الأطفال، وبروز ظاهرة عمالة الأطفال، وآثارها السلبية على المجتمع والاقتصاد ، وتدهور الوضع الصحي، خاصة بالنسبة للأطفال (ارتفاع الوفيات)، وقلة العناية بهم، وتنطبق كذلك على الكبار، وبالتالي التعرض بدرجة عالية للأمراض المزمنة وللأمراض المعدية. كما أن ظهور الآثار الاجتماعية للفقر قد يؤدي إلى قلة مردودية الأفراد، وضعف مستوى نشاطهم الاقتصاد ي، الشيء الذي يترتب عليه انخفاض دخل الدول.
(2) ارتفاع معدلات البطالة():
طالت البطالة غالبية فئات المجتمعات العربية، ومما يؤكد خطورتها، أنها أصبحت مصدراً لإنتاج مشكلات اجتماعية أخرى قد تؤثر بشكل أو بآخر على البنيان الاجتماعي لتلك المجتمعات. إلى جانب ذلك، فإن البطالة تلعب دوراً أساسياً، في حرمان الإنسان من الحصول على مختلف فرص الحياة التي تيسر له إشباع حاجاته الأساسية، وتحقيق الإنسان لذاته.
هذا، وتعاني أغلب الدول العربية من ارتفاع مقلق لمعدلات البطالة مقارنة بمناطق العالم الأخرى، فبالرغم من الانخفاض الذي شهدته نسبة البطالة بالدول العربية من 13.4% سنة 1995 إلى 11.4% سنة 2013، إلا أن هذه النسب تعتبر مرتفعة مقارنة بمتوسط معدل البطالة بالعالم الذي انخفض بدوره من 6.1% سنة 1995 إلى 6% سنة 2013. ويرتفع هذا المعدل إلى 13% بالدول العربية غير دول مجلس التعاون الخليجي. وتعود هذه المعدلات المرتفعة للبطالة بالدول العربية إلى ارتفاع كبير لمعدل بطالة الإناث، فبالنظر إلى الجدول رقم (7) نجد أن معدل البطالة لدى الإناث بالعالم العربي يساوي 21.4% سنة 2013، قد تجاوز ضعف معدل البطالة لدى الذكور بنفس السنة (8.6%).
كما يبرز الجدول رقم (7) النسب المرتفعة لمعدل البطالة، في سنة 2013، في أغلب البلدان العربية وبالأخص البلدان غير النفطية ذات التنمية البشرية المنخفضة والمتوسطة حيث بلغت أعلى قيمة بموريتانيا بنسبة تساوي 31% تليها فلسطين بنسبة 23.4% ثم ليبيا واليمن والعراق والسودان وتونس ومصر. بينما كانت معدلات البطالة في اغلب دول الخليج (دول ذات تنمية بشرية عالية جدا) منخفضة وبشكل ملحوظ ودون المعدل العالمي وبالأخص في دولة قطر بنسبة لا تتجاوز0.5% ثم الكويت بنسبة 3.1% تليها الإمارات بنسبة 3.8%، والسعودية بنسبة 5.7%.
وقد تعود هذه النسب المرتفعة للبطالة بالدول العربية إلى العديد من الأسباب لعل أهمها ما شهدته المنطقة منذ منتصف السبعينات من نمو كبير في عدد السكان، وبالتالي ارتفاع نسبة قوة العمل. فبالرغم من النمو الموجب في نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في كل البلدان العربية تقريباً إلا أن معدلات البطالة المرتفعة أصلاً قد واصلت ارتفاعها حتى دفعت ببعض الخبراء إلى استخدام مصطلح “نمو غير منتج للوظائف” عند وصف حالة الاقتصاد الكلي للمنطقة العربية. ذلك أن النمو السكاني الكبير، وارتفاع عدد الشباب، وزيادة مشاركة المرأة في سوق العمل قد أدت جميعها إلى زيادة المعروض من الأيدي العاملة لا تقابلها أية زيادة في الطلب عليها، ورغم أن معدلات النمو السكاني كانت تتناقص بالتدريج وهو اتجاه من المنتظر أن يستمر على مدى العقود المقبلة، فإن السكان وقوة العمل يشهدون في معظم البلدان العربية نمواً سريعا بالأرقام المطلقة، ولاشك في أن انخفاض الطلب على الأيدي العاملة في القطاع العام وبطء النمو في القطاع الخاص وإفراط القوى العاملة المتعلمة في الحرص على الحصول على فرص عمل ممتازة، قد ساهمت كلها في الوصول إلى تلك المعدلات المخيفة من البطالة في الدول العربية().
جدول رقم (7)
معدل البطالة بالدول العربية
البلد |
إناث |
ذكور |
الإجمالي |
|||
1995 |
2013 |
1995 |
2013 |
1995 |
2013 |
|
قطر |
1.9 |
3.4 |
0.1 |
0.2 |
0.4 |
0.5 |
السعودية |
15.1 |
21.3 |
4.1 |
2.9 |
5.4 |
5.7 |
الإمارات |
2.3 |
8.8 |
1.7 |
2.8 |
1.8 |
3.8 |
البحرين |
16.8 |
17.7 |
5.3 |
4.9 |
7.5 |
7.4 |
الكويت |
0.6 |
2.4 |
0.7 |
3.3 |
0.7 |
3.1 |
ليبيا |
29.5 |
30.2 |
16.8 |
15.3 |
19.4 |
19.6 |
عمان |
16.8 |
15.3 |
5.7 |
6.7 |
7.0 |
7.9 |
لبنان |
10.6 |
11.0 |
7.4 |
5.1 |
8.1 |
6.5 |
الأردن |
27.0 |
22.1 |
12.7 |
10.5 |
14.6 |
12.6 |
تونس |
19.0 |
15.5 |
14.2 |
12.4 |
15.4 |
13.3 |
الجزائرBottom of Form |
52.7 |
16.8 |
24.3 |
8.4 |
27.9 |
9.8 |
فلسطين |
13.0 |
21.3 |
17.0 |
23.8 |
16.5 |
23.4 |
مصر |
27.1 |
29.3 |
6.7 |
7.4 |
11.3 |
12.7 |
سوريا |
16.4 |
28.4 |
4.7 |
7.7 |
7.2 |
10.8 |
العراق |
31.5 |
24.1 |
17.4 |
14.3 |
19.4 |
16.0 |
المغرب |
12.2 |
9.8 |
11.4 |
9.0 |
11.6 |
9.2 |
اليمنBottom of Form |
34.9 |
38.8 |
7.7 |
9.9 |
12.9 |
17.4 |
جزر القمر |
7.3 |
7.0 |
6.5 |
6.4 |
6.7 |
6.5 |
موريتانيا |
28.8 |
28.0 |
33.0 |
32.1 |
32.1 |
31.0 |
السودان |
20.3 |
20.4 |
13.1 |
13.0 |
15.1 |
15.2 |
الصومال |
7.4 |
7.4 |
6.7 |
6.7 |
6.9 |
6.9 |
الدول العربية |
22.7 |
21.4 |
11 |
8.6 |
13.4 |
11.4 |
العالم |
6.4 |
6.4 |
5.8 |
5.7 |
6.1 |
6 |
المصدر: قاعدة بيانات منظمة العمل الدولية KILM 8th edition. |
وتشير التقارير الصادرة عن منظمة العمل العربية، ومعهد التمويل الدولي، إلى احتياج المنطقة العربية إلى القيام بإصلاحات هيكلية في مجالات تنظيم سوق العمل للحد من عوائق التوظيف وجلب العمال، وكذلك إصلاح النظام التعليمي لضمان بناء المهارات المناسبة التي تلبي احتياجات أصحاب العمل الخاص.
كما تشير تلك التقارير إلى أن توفير فرص عمل في المنطقة يتوقف على توفر أسواق عمل مرنة، وتوجيه النظم التعليمية بشكل أفضل نحو احتياجات القطاع الخاص، وتحسين بيئة الأعمال، والحاجة على نطاق واسع لتحقيق معدلات نمو مستدام مدفوعاً بشكل خاص من جانب القطاع الخاص، للحد من معدل البطالة المرتفع.
كما أشار معهد التمويل الدولي في أحد إصداراته بأن البطالة في منطقة الشرق الأوسط هي في الأساس مشكلة هيكلية منذ عقود، إذ أن حصة القطاع العام في الاقتصاد هي الأعلى بين الأسواق الناشئة، والأجور في القطاع العام أعلى من تلك الموجودة في القطاع الخاص ولاسيما في بلدان المنطقة المصدرة للنفط، مما شجع القوة العاملة على البحث عن فرص العمل في القطاع العام. إن الحد من البطالة لا يزال يشكل تحدياً كبيراً لواضعي السياسات في المنطقة، بينما ينمو عدد الداخلين الجدد إلى قوة العمل بسرعة بالنظر إلى التركيبة السكانية وانخفاض معدل مشاركة الإناث، والذي سيكون له تأثير هام على سوق العمل في السنوات القادمة.
ومن جانب آخر، يبين الجدول رقم (8) ارتفاعاً ملحوظاً في معدل بطالة الشباب على الصعيد العالمي من 11.7% سنة 1995 إلى 13% سنة 2013 في حين لم تشهد هذه النسبة تغيراً كبيراً بالدول العربية حيث بلغت 28.5% سنة 2013 وتبقى هذه النسبة مرتفعة جدا مقارنة بالمستوى العالمي. فخلال الفترة ما بين عامي (1995/2013)، شهدت معدلات بطالة الشباب زيادات متفاوتة بين مختلف الدول العربية باستثناء الجزائر حيث شهدت معدلات بطالة الشباب انخفاضاً ملحوظاً من 47.7% إلى 24%. ولعل أهم نسبة زيادة تم ملاحظتها خلال هذه الفترة كانت بدولة الكويت حيث ارتفعت نسبة بطالة الشباب من 4.2% إلى 19.6% (22.8% معدل البطالة لدى الذكور و12.7% لدى الإناث في سنة 2013).
وبصفة عامة نجد أن أعلى معدل بطالة بين الشباب في سنة 2013 قد لوحظ بليبيا بنسبة 51.2% ثم موريتانيا ثم مصر وفلسطين تليها العراق والأردن وتونس بنسب لم تقل عن 31%. وعلى غرار ذلك فقد شوهدت أدنى معدلات البطالة بين الشباب بقطر بنسبة 1.5% ثم الإمارات بنسبة 9.9% فالصومال وجزر القمر بنسبة 10.7% وتعتبر هذه النسب دون المتوسط العالمي لمعدلات بطالة الشباب.
وبالنظر إلى معدلات البطالة حسب الجنس يبرز الجدول رقم (8) أعلى نسبة بطالة لدى الإناث سنة 2013 بليبيا بنسبة 77.2% ثم مصر وسوريا والعراق وفلسطين والأردن والسعودية بمعدلات لا تقل عن 55%. في حين سجلت أعلى نسبة بطالة بين الذكور في نفس السنة في موريتانيا بنسبة 44.5% ثم ليبيا وفلسطين وتونس والعراق بنسب لا تقل عن 30%.
تدل هذه الأرقام على أن مشكلة البطالة في العالم العربي هي بالأساس بطالة الشباب، رغم تفاوتها الكبير من دولة إلى أخرى، وتعود هذه النسب المرتفعة بالأساس إلى ارتفاع عدد الداخلين الجدد من الشباب إلى سوق العمل، وإلى الأداء المتواضع للتوظيف في القطاع الخاص والعام على حد السواء في الدول العربية.
جدول رقم (8)
البلد |
إناث |
ذكور |
الإجمالي |
|||
1995 |
2013 |
1995 |
2013 |
1995 |
2013 |
|
قطر |
5.1 |
9.7 |
0.3 |
0.5 |
1.1 |
1.5 |
السعودية |
50.2 |
55.3 |
24.5 |
21.1 |
28.7 |
28.7 |
الإمارات |
5.6 |
17.0 |
6.3 |
8.1 |
6.1 |
9.9 |
البحرين |
30.4 |
33.0 |
22.8 |
25.7 |
24.9 |
27.9 |
الكويت |
2.5 |
12.7 |
5.2 |
22.8 |
4.2 |
19.6 |
ليبيا |
60.2 |
77.2 |
36.5 |
38.5 |
42.8 |
51.2 |
عمان |
31.4 |
32.1 |
17.6 |
17.9 |
21.1 |
20.5 |
لبنان |
20.8 |
24.3 |
20.5 |
18.8 |
20.6 |
20.6 |
الأردن |
53.4 |
55.9 |
27.5 |
28.0 |
31.1 |
33.7 |
تونس |
29.8 |
29.3 |
32.4 |
32.0 |
31.5 |
31.2 |
الجزائرBottom of Form |
70.1 |
38.7 |
42.8 |
21.0 |
47.7 |
24.0 |
فلسطين |
29.0 |
56.4 |
23.4 |
34.6 |
24.0 |
38.3 |
مصر |
59.0 |
71.1 |
21.9 |
25.8 |
32.6 |
38.9 |
سوريا |
26.1 |
56.9 |
9.3 |
23.2 |
13.6 |
29.8 |
العراق |
68.5 |
59.3 |
33.6 |
30.0 |
38.0 |
34.1 |
المغرب |
12.2 |
9.8 |
11.4 |
9.0 |
11.6 |
9.2 |
اليمنBottom of Form |
34.9 |
38.8 |
7.7 |
9.9 |
12.9 |
17.4 |
جزر القمر |
7.3 |
7.0 |
6.5 |
6.4 |
6.7 |
6.5 |
موريتانيا |
28.8 |
28.0 |
33.0 |
32.1 |
32.1 |
31.0 |
السودان |
20.3 |
20.4 |
13.1 |
13.0 |
15.1 |
15.2 |
الصومال |
7.4 |
7.4 |
6.7 |
6.7 |
6.9 |
6.9 |
الدول العربية |
22.7 |
21.4 |
11 |
8.6 |
13.4 |
11.4 |
العالم |
6.4 |
6.4 |
5.8 |
5.7 |
6.1 |
6 |
المصدر: قاعدة بيانات منظمة العمل الدولية KILM 8th edition. |
معدلات بطالة الشباب بالدول العربية حسب النوع الاجتماعي
وأدى مزيج من انخفاض معدل وفيات الرضع ومعدلات الخصوبة المرتفعة، إلى زيادة سريعة في عدد السكان بين عامي (1960/1990) ما أدى إلى ارتفاع معدلات نمو القوى العاملة من عام 1980 حتى عام 2012 وخاصة منها اليد العاملة الشابه. فخلال عامي (1995/2013) بلغ متوسط النمو السنوي لقوة العمل 1.41%، بينما بلغت 1.6% في أمريكا اللاتينية و1% في شرق آسيا. ويقدر أن يكون النمو السنوي في عدد السكان في سن العمل في السعودية والعراق ومصر ما بين 2.5% إلى 3.5% في الفترة الزمنية من 2010 حتى 2020 ، ويرجع ذلك جزئياً إلى زيادة مشاركة الإناث في القوى العاملة.
كما تشير العديد من الأدبيات أن للبطالة العديد من الآثار المباشرة على مستوى معيشية للأفراد والأسر، ويتضح من العرض السابق لواقع البطالة في مختلف الدول العربية أن هناك العديد من الآثار السلبية التي مست الأسر العربية بشكل عام، أهمها، ضعف الدخل وانخفاض المستوى المعيشي، الأمر الذي يؤدي إلى فقدان الأمن الاقتصادي، مما ينعكس سلباً على مستوى المعيشة. حيث تجدر الإشارة إلى أن العديد من الدراسات والتقارير الدولية تؤكد بأن الدول العربية بحاجة إلى توفير 100 مليون فرصة عمل بحلول عام 2025 لكي تحافظ فقط على معدلات البطالة الحالية.
كما تؤدي مشكلة البطالة إلى عدم الاستقرار الأمني وإثارة القلاقل والاضطرابات داخل المجتمع، وبخاصة السياسية منها، إذ يسهل في هذه الحالة جذب العاطلين عن العمل لأي حركات احتجاجية معارضة، ويجعلهم أكثر احتمالية للاتجاه نحو السلوك غير معتادة، نظراً للاستبداد والسخط، وضعف الانتماء للمجتمع، ولك في ثورات الربيع العربي خير مثال.
وتشير أيضاً بعض الدراسات والأدبيات والتقارير الدولية أنه قد تؤدي البطالة إلى تفاقم ظاهرة التفكك الأسري والاجتماعي، حيث يلجأ المتعطلون إلى الانعزال والانفصال عن أسرهم وجماعاتهم الاجتماعية، وينتابهم كذلك الشعور باليأس والإحباط، مما قد يؤدي ذلك إلى زيادة معدلات الطلاق والعنف الأسري، وتجدر الإشارة إلى أن هناك ارتفاع ملحوظ في نسب الطلاق في مختلف الدول العربية. فنجد أن نسبة الطلاق وصلت في تونس ومصر إلى ما يقارب 40% من إجمالي حالات الزواجات في عام 2013، أما في اليمن فنجدها قد وصلت 19%، وفي فلسطين 21%، وتؤكد التقارير أيضاً أن تلك النسب المرتفعة لتفشي ظاهرة الطلاق تعود لصعوبات المعيشة وضعف الحالة الاقتصادية نتيجة ضعف الدخل وارتفاع نسب البطالة.
كما قد تؤدي البطالة إلى زيادة الضغوط الاجتماعية على أسر العاطلين عن العمل وتعرضهم لمزيد من المشكلات، وذلك نتيجة ارتفاع معدلات الإعالة، فنجد في عام 2013 وفقاً لقاعدة بيانات البنك الدولي (نسبة الإعالة العمرية من السكان في سن العمل)، أن نسبة الإعالة في مصر وصلت إلى 59%، وفي اليمن وصلت إلى 76%، كما بلغت في تونس نحو 44%، أما في فلسطين فقد وصلت إلى 76%.
رابعاً: الخاتمة:
مما سبق، يمكن القول بأن شبكات الأمان الاجتماعي ليست الآلية الوحيدة لعلاج مختلف الظواهر لاسيما ظاهرتي الفقر والبطالة بشكل شامل، فهي من الآليات المطلوبة كإجراءات ضرورية تتعامل مع الأسباب الجوهرية لتفشي تلك الظاهرتان، فهي لا يمكن أن تؤدي دورها في تخفيف حدة الفقر والبطالة بنجاح وعلى مدى زمني طويل في ظل غياب إجراءات ذات كفاءة وفعالية ترتكز على تصحيح آليات وهياكل الممارسات الإقتصادية والاجتماعية، وتفتح المجال لإنطلاق التنمية في المجتمع بوجه عام، وخلق سياق تنموي فعال.
كما يتضح أيضاً أن مشكلتي الفقر والبطالة تتفاقمان عادةً في المجتمعات النامية، خاصة تلك التي تعاني من تدني نموها الإقتصادي وانفجار نموها السكاني، وتتفاوت تبعاً لذلك أساليب المعالجات والمحاولات الرامية إلى الحد من هذه الظواهر الخطيرة وتداعياتها.
كما أن الأمان الاجتماعي في بدايته كان يستند إلى محاولات فردية وجهود مشتته كان يؤديها الأفراد بدافع ديني وهو الإحسان، ومن ثم تطور الأمر وأصبح من مسئولية الدولة تؤدى من خلال مؤسسات ومنظمات عامة بهدف تحقيق الأمان والإستقرار الاجتماعي للمجتمع وأفراده.
كما تعد شبكات الأمان الإجتماعي هي أحد أهم آليات مكافحة الفقر والبطالة، وهي تمثل مجموعة من الخدمات المتكاملة من تدابير الدعم المؤسسي تتعامل مع جميع الأفراد والفئات في المجتمع التي تحتاج لخدماتها، وخاصة ذوي الدخول الضعيفة.
وبذلك يمكن للباحث بهذا الصدد إطلاق عدد من التوصيات الهادفة لتحسين مستوى أداء شبكات الأمان الاجتماعي في المنطقة العربية، وذلك على النحو التالي:
(1) في مجال شبكات الأمان الاجتماعي:
- ضمان اتساق السياسات الاجتماعية والاقتصادية، من خلال صياغة أهداف السياسات الاجتماعية بشكل واضح، وتصميمها المؤسسي، بما يضمن اتساقها الداخلي وقدرتها على الاستجابة، وضمان الاتساق الخارجي في سياق السياسات الاجتماعية الأوسع نطاقاً، وذلك من خلال تدعيم سياسات الأمان والحماية الاجتماعية من خلال الشبكات لتعزيز تكافؤ الفرص والمساواة في المعاملة وحماية أفراد المجتمع، وضمان الاتساق الخارجي للسياسات الاقتصادية والاجتماعية، والتي تضمن تعزيز انتقال العمالة إلى القطاع المنظم، وفعالية سياسات التنمية الاجتماعية والاقتصادية وعدم تضاربها أو تعارضها، وتعزيز أنظمة التقاعد.
- إرساء وضمان التكلفة المعقولة والاستدامة المالية لنظم الأمان والحماية الاجتماعية، وذلك من خلال مراعاة إقامت علاقة معقولة ومقبولة بين التكاليف المالية والنتائج لأنظمة الأمان والحماية الاجتماعية، ووجود توازن مناسب بين الإعانات التي تمولها الاشتراكات والإعانات التي يتم تمويلها من الضرائب، وتوفير حيز من الموازنة العامة يسمح للحكومات بتقديم الموارد للأغراض المرغوب فيها دون أن يضر ذلك باستدامة الوضع المالي للحكومة، والتكيف مع التغيرات الديمغرافية، مثل معدلات التقدم في السن وتقديم الرعاية طويلة الأجل في المراحل المقبلة.
- تعزيز دور شبكات الأمان الاجتماعي في مجال محاربة ومكافحة الفقر، من خلال زيادة مخصصاتها، ورفع كفاءة وفعالية أداء الشبكات في مجال دقة الإستهداف، وتنويع البرامج التي ترتكز في فلسفتها على مفهوم تمكين الفقراء بدلاً من رعايتهم.
(2) في مجال تطوير السياسات الاجتماعية:
- تعزيز فعالية اقتصادات السوق وكفاءتها، وتيسير تحقيق العمالة المنتجة، وتثبيت الطلب والحفاظ على الوتيرة الاقتصادية والاجتماعية أثناء الأزمات.
- إيجاد التوازن النسبي بين التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتعزيز العدالة الاجتماعية والتماسك الاجتماعي، وإتاحة الاستفادة من الخدمات الاجتماعية وضمان سهولة النفاذ إليها.
- ضمان أمن الدخل بالنسبة للأسر بشكل عام، وفي حالة فقدان المعيل بشكل خاص، وضمان أمن الدخل للعاطلين عن العمل (البطالة)، والعناية بمختلف أنشطة وبرامج الأمان والحماية الاجتماعية لكافة الشرائح الضعيفة، وبخاصة لشرائح “كبار السن، والأمومة، والطفولة، والمعاقين“.
- تحديد الأولويات للتدخلات التي تشجع الاستثمار في رأس المال البشري، من خلال توسيع نطاق برامج التحويلات النقدية المشروطة الناجحة، وتعديل تصميم البرامج الحالية لجعلها أكثر ملائمةً للأطفال والنساء، وابتكار تدخلات جديدة لسد الفجوات على أساس الممارسات الدولية الناجحة، وتعزيز الاستهداف للفقراء والفئات الضعيفة، حيث يمكن لتحسين الاستهداف احتواء التكاليف، وضمان المساواة، والسماح لشبكات الأمان الاجتماعي بالعمل كجهة تأمين، وزيادة الفعالية.
- إنشاء بنية تحتية موثوقة ومرنة في ذات الوقت، بحيث يمكن استخدامها في الأوقات العادية بالإضافة إلى أوقات الأزمات، ويمكن لنظام شبكات الأمان الاجتماعي الفعال أن يساعد المواطنين على التغلب على آثار الصدمات الإستثنائية والنظامية، من خلال إعداد سجلات موحدة للمنتفعين بحيث يمكن استخدامها في استهداف عدة برامج، واستخدام آليات فعالة لتقديم الخدمات.
(3) في مجال مكافحة الفقر:
- التركيز على إطلاق حزمة من السياسيات التي تلعب دور مهم في مكافحة الفقر، والحرص على تنفيذها بكفاءة وفعالية لتحقيق أهدافها المنشودة، منها؛ حفز النمو الاقتصادي المنحاز للفقراء، وتمكين الفقراء من الحصول على أصول انتاجية، وتنمية القدرات البشرية، وتحقيق الاستقرار الاقتصادي والوقاية من التضخم، وتوسيع فرص المشاركة الشعبية في صناعة القرارات الوطنية، وتطوير نظم إغاثة ومساعدة الفقراء.
- تبني مجموعة من البرامج الهادفة للإصلاح الاقتصادي، والتي ترتكز في مجملها على ضرورة التخصيص الأمثل للموارد، وتحقيق معدلات مرتفعة للنمو الاقتصادي، وضمان عدالة التوزيع (الدخل).
- دعم وتعزيز أطر الاستثمار في مجال المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر، وربط تلك المشروعات بعقود حكومية لتوريد منتجات تلك المشروعات لمختلف القطاعات الحكومية، مما يسهم في عملية جذب أو استقطاب الفقراء للعمل في إطار تلك المشروعات.
(2) في مجال مكافحة البطالة:
- صياغة مجموعة من السياسات الهادفة إلى إصلاح الاختلال الناجم عن ضعف التوائم ما بين الفرص المعروضة والمهارات المطلوبة، والتي تتركز حول “التشغيل الديناميكي“، والذي يعتمد على إعادة الإدماج عبر عمليات إعادة التدريب والتأهيل.
- إطلاق مجموعة من البرامج والأنشطة الهادفة إلى الإدماج المهني، وذلك من خلال توفير فرص عمل مؤقتة في القطاع الحكومي، وتشجيع القطاع الخاص على التوظيف والتعيين من خلال منح الشركات بعض الحوافز الضريبية التي من شأنها أن تساعد على الإدماج في سوق العمل، وخصوصاً بين فئة الشباب قليلي الخبرة، كما أن برامج الإدماج قد تشجع فئة الشباب على سبيل المثال، الذين لديهم مؤهلات وتدريب فني “الإندماج في سوق العمل” عبر مساعدتهم في عملية تأسيس مشروعات صغيرة عبر منحهم قروض لهذا الغرض، وكذلك تأسيس صناديق تمويل الاستثمار المغامرة، ومتابعتهم من قبل الجهات المختصة لتدعيم حظوظ نجاح مشروعاتهم.
- يعتبر النظام التعليمي أحد المحددات الرئيسية لعملية عرض العمل، فلذلك يستوجب وضع مجموعة من السياسات التي تستهدف إصلاح المنظومة التعليمية، وإعطاء التدريب الفني والتطبيقي أهمية واعتبار كبيرين في مجالات التطوير والتحسين. لما لهما من دور مهم في عملية رفع كفاءة الداخلين الجدد لسوق العمل، والمساهمة في توفير المهارات اللازمة للحصول على فرص العمل.
- يعتبر النمو الاقتصادي من أهم محددات العمالة والتشغيل، وبالتالي فإن تسريع وتيرة النمو وتوفير بيئة مواتية له قد يساهم في توفير وظائف للداخلين الجدد لسوق العمل (نمو مولد للوظائف).
المراجع
باللغة العربية:
- الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، والصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي وصندوق النقد العربي ومنظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول (الأوابك)، “التقرير الاقتصادي الموحد“، القاهرة، 2014.
- أحمد يوسف الزهراني، التطور التاريخي لشبكات الأمان الاجتماعي– دراسة توثيقية، (الرياض: مؤسسة البيان للنشر والتوزيع، 2006).
- أحمد يوسف الزهراني، التطور التاريخي لشبكات الأمان الاجتماعي– دراسة توثيقية، (الرياض: مؤسسة البيان للنشر والتوزيع، 2006).
- برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، تقرير التنمية البشرية “المضي في التقدم: بناء المنعة لدرء المخاطر للعام 2014″، نيويورك.
- تقرير الدمج والمرونة “الطريق إلى الأمام لشبكات الأمان الاجتماعي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، البنك الدولي، 2012.
- حسن حمود، العولمة والحماية الاجتماعية في المنطقة العربية، (بيروت: الجامعة الأمريكية، 2005).
- سليم كمال، الضمان الاجتماعي باعتباره حقاً من حقوق الإنسان، (بيروت: دار المنهل للطباعة والنشر، 2008).
- صبرى عبد المطلب سعيد، توسيع نطاق سريان أنظمة التأمينات الاجتماعية في الدول العربية، (القاهرة: وزارة التأمينات الاجتماعية، 2002).
- طاهر حسن الريس، أثر سياسات الرعاية الاجتماعية على المجتمع الكويتي، (جامعة الكويت: مركز الدراسات والبحوث الاسترتيجية، 2009).
- فيصل المناور، تقييم دور شبكات الأمان الاجتماعي في مكافحة الفقر في دولة الكويت مع دراسة ميدانية على أداء وزارة الشئون الاجتماعية والعمل، أطروحة دكتوراه غير منشورة، جامعة القاهرة، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، قسم الإدارة العامة، 2013.
- فيصل المناور، المخاطر الاجتماعية في الدول العربية، سلسلة جسر التنمية، العدد 124، مايو 2015.
- محمد عبد الشفيع عيسى، “دور شبكات الأمان في الحماية الاجتماعية للفقراء في الدول العربية“، مجلة شئون عربية، العدد 19، (سبتمبر 2007).
باللغة الانجليزية:
- Government of Jordan. 2011. “The Hashemite Kingdom of Jordan: Social Protection Review.” Unpublished report for the Hashemite Kingdom of Jordan, Amman.
- UNDP (2005). Arab Human Development Report 2005: Towards the Rise of Women in the Arab World New York: UNDP.
- World Bank (2004), “Gender and Development in the Middle East and North Africa: Women in the Public Sphere.” MENA Development Report, World Bank, Washington, DC.
- World bank (2012), Atlas of Social Protection: Indicators of Resilience and Equity (ASPIRE). Online database. http://www.worldbank.org/spatlas.
- WHO (World Health Organization) and World Bank (2010), World Report on Disability. Geneva: WHO.