IMG_8284

إعداد: د. فتحية السعيدي أستاذة مساعدة في علم الاجتماع/ جامعة تونس- المنار

مقدمة عامة

         يشكل الوعي بمسألة المساواة بين الجنسين مجال ترنّح العلاقة بين الموروث والحديث وبين الصور النمطية السائدة والصور المتجددة والمنفتحة. ولئن مثل الاختلاف العنصر الرابط بين القديم/التقليدي والجديد/الحديث، فإن الوعي لا يعني الاختلاف بل هو مجال الاختلاف نفسه، ذلك أن الوعي بمسألة المساواة وببنية العلاقة المتكافئة بين الجنسين يبقى رهين تنشئة اجتماعية متوازنة ومنفتحة ومستمرة يكون فيها الفرد على استعداد دائم لاستبطان قيم جديدة ومتطورة ومتغيرة في ذات الوقت. وهو وعي يتجاوز التشريعات والقوانين السائدة لكونه يمثل جوهر الأنا/النحن التي تعي ذاتها في سياق التفاعل المستمر مع سياقات الفكر الإنساني وتطوراته.

       وتساهم مؤسسات متعددة في عملية التنشئة الاجتماعية للأفراد، فمن الأسرة إلى المدرسة إلى المجتمع يستبطن الأفراد القيم والمعايير والسلوكيات، وإذ نستدعي عملية التنشئة الاجتماعية في هذه الورقة العلمية التي اتخذنا لها عنوانحقوق النساء في التشريع التونسي والمغربي: مقاربات ورؤية لعالم ينتفي فيه التمييز على أساس الجنسفلأننا نعتبر بأن التشريعات تسهم بشكل كبير في بلورة اتجاهات الأفراد والجماعات وتكرّس أو تطوّر أنماطا من السلوك ونماذج من القيم التي في حال عدم تناسقها وانسجامها مع المعايير الاجتماعية السائدة فإننا سنشهد فجوة بين التشريع والواقع. ومن منطلق أن التشريع  في شكله العام يحمل بعدا إنسانيا مخصوصا ويعبّر عن نموذج مثال للذات أو للفعل الإنساني الذي يرتقي بذاتية  الفرد فيهذب سلوكه ويطوّر فكره ورؤاه حول العالم وحول ذاته اتجهنا إلى قراءة التشريع التونسي والمغربي ونحن نطرح الأسئلة عن:

  • الخلفية التاريخية التي وراء تحرير النساء
  • أفعال الوجود النسائي وأثره في مجتمع متحوّل وفي نزاع بين التقليد والتحديث،
  • التشريعات المتجهة لإقرار المساواة والجدل العمومي حولها

  1. الخلفية التاريخية للفكر الإصلاحي في البلاد العربية وعلاقتها بالتشريع التونسي
    1. مفكرو الإصلاح وإشكالية تحرّر المرأة

          إن الثقافة ليست نظاما ثابتا من الرموز أو نمط عيش موروث لا تجديد فيه ولا يمكن الخروج عنه، وإنما هي تراكم من الإنتاج المادي والرمزي الذي تحققه مجموعة بشرية ذات هوية جماعية واضحة المعالم. وإذا سلمنا بمقولة عالم الاجتماعي الفرنسي مارسيل موس، في اعتباره المجتمع القوة الدافعة لبناء الثقافة والحضارة والتقدم، لأدركنا بأن الثقافة بدورها في تطوّر متواصل من خلال الصراع الذي يحفّز المجتمع على التقدم، ولذلك أكد جل المفكرين انطلاقا من ابن خلدون ومرورا بعالم الاثنولوجيا إدوارد تايلور (1871) ثم لويس مورقان وعالم الاجتماع مارسيل موس، ومن بعده، وصولا إلى آلان توران (1973)، بأن المجتمع الإنساني مصدر إنتاج الثقافة وأساس الارتقاء بها. فالإنسان بما يمتلكه من معرفة وقدرة على الإنتاج الرمزي والمادي أساس بناء الحضارات. وهو العنصر المحدد في تقويضها أو هدمها بالنظر لقدرته على الإسهام في تشييد حضارة أكثر تقدما وإنسانية.

          ضمن هذا المنظور، يمكن تنزيل رؤى مفكري الإصلاح الذين حاولوا تشييد نمط جديد من أنماط العيش وبنوا رؤى متعدّدة تحفّز على التقدّم والرقي. ولئن دافع مفكرو الإصلاح والنهضة العربية خلال القرن التاسع عشر عن تحرّر المرأة، ونادوا بضرورة خروجها وتعليمها فإننا لا نكاد نعثر على رؤية نسائية متكاملة لمسألة تحرّر المرأة تُبرز وجهة نظر المرأة حول ذاتها وحول كينونتها، عدا تلك، التي عبّرت عنها بعض الوجوه النسائية الرائدة والمتفرقة في أرجاء العالم العربي، ومن أبرزها، نظيرة زين الدين الذي مثّل كتابها “السفور والحجاب” بداية فكر نسوي لم يكتمل كمشروع حديث. إنّه بداية تشكّل لرؤية خصوصية تعالج قضية السفور والحجاب من داخل المنظومة الدينية ذاتها التي بموجب سدّ باب الاجتهاد انغلقت على نفسها فاستحكم فيها التشدّد والتعصّب وضاقت فيها الرؤية وانحسر بمقتضاها الفكر واتّسعت فيها الهوّة بين فضاء خاص هو قصرا فضاءً للنساء وفضاءً عاماً هو حتما للرجال. وعليه، يُعتبر خروج الكاتبة نظيرة زين الدين من الفضاء الخاص إلى الفضاء العام بحد ذاته فعل تحرّر. وهو فضلا عن ذلك فعل يتجه إلى تغيير نماذج من السلوك ويجادل رؤى ثابتة من خلال تأويل محتمل للنص الديني وقراءة نقدية للواقع.

        لقد كان لنظيرة زين الدين، بوصفها كينونة ثقافية واجتماعية، دورا هاما في إنتاج نماذج المعرفة، انطلاقا من موقعها كمثقفة وبحكم امتلاكها لوسائط الاتصال (الكتابة). وأيًا كان نصيبها من وسائل التعبير الثقافي ومن المعرفة فإنها قد استطاعت من خلال كتابها (أي السفور والحجاب)، أن تُحدث رجّة فكرية هزّت عالم الرجال من حولها. فجاءتها ردود متباينة ومتناقضة، ردود تعج بالأفكار والآراء وتتنوّع بين مساند ومعارض. ردود متباينة، ساعدت بقدر واسع على نقل الحوار حول تحرر المرأة في العالم الإسلامي من الحيز الخاص إلى الحيز العام، واستقطبت الرأي العام العربي والدولي على حد سواء. فأثمر كتابها الثاني “الفتاة والشيوخ” الذي ضمّنته الكاتبة مختلف الرؤى المساندة والمعارضة لها. وإن كان هذا الكتاب يدل على شيء فهو يدل على فعل عقل تقليدي استُفزّ وأفزعه صوت تحرري ينأى عن الجهل بما جاء به الكتاب والسنّة، بل ينفذ إلى عمق الديني ويستلهم منه الحجج ليقيمها برهانا عن تكلّس معرفي لرجال تلبّسوا الدين وطوّعوه وفق نظرة ضيقة في المعنى.

            لقد مثّل إذن، رواد الإصلاح حلقة مهمّة في بلورة الأفكار التحرّرية حول المرأة والمجتمع، إذ تعلّق رجال الإصلاح في البلاد العربية عامة ولا سيما في تونس منذ القرن التاسع عشر بالقيم الدستورية وما تفرضه من قيم ومن مبادئ تنعكس إيجابا على كل الشرائح الاجتماعية بما في ذلك على المرأة. وقد أثمرت جهود زعماء الإصلاح في تونس مثلا تجربة إصلاحية رائدة تمثلت في نهضة فكرية حديثة وحركة دستورية بدأت في عهد محمد باي (1855/1859) وذلك بإعلان عهد الأمان (1857) الذي أقر مبدأ مساواة أفراد الرعية أمام القانون وتوّج عهد الأمان بصدور دستور عهد الأمان سنة 1861 وهو أول دستور في تونس وفي العالم العربي والإسلامي يقيّد حكم الإطلاق ويقر بتوزيع السلطات الثلاث. وعموما، فإن الفكر الإصلاحي العربي قد سار منذ نشأته في مسارين متلازمين: الأول سياسي، تميّز بإرساء الحكم الدستوري، والثاني اجتماعي/ ثقافي اتجه إلى إصلاح التعليم وتطوير الثقافة وتغيير المجتمع.

          ويعتبر خير الدين التونسي من أبرز مفكري الإصلاح الذين انتهجوا مساري التحديث السياسي والاجتماعي في تونس، إذ أدخل تنظيمات عديدة على جهاز الدولة والإدارة والتعليم والقضاء والاقتصاد. ومن هذا المنطلق فإن النهج التحرري لرجال الحركة الإصلاحية العربية قد ركّز في جانب مهم منه على التعليم ودوره في عملية التقدّم الاجتماعي. ولقد كان تناول موضوع المرأة مختلفا من مصلح إلى آخر، فلئن تطرق الشيخ ابن أبي الضياف إلى موضوع المرأة من وجهة نظر دينية خالصة هدفها تصحيح بعض الأفكار الخاطئة بشأنها ودحض الدعاية بأن الإسلام هو سبب تخلّفها، فإن الشيخ عبد العزيز الثعالبي قد أبرز أفكارا تحررية جديدة منذ 1905، إذ يقولفلو كان التعليم الاجباريواقعا مكتسبا، لتمتّعت المرأة بكامل حقوقها ولأدركت أنه لا وجود لأي نص يفرض عليها ستر وجهها ولا لأي نص يحكم عليها بالانزواء في بيتها كأنّها في سجن ولعلمت أن من واجبها رعاية مصالحها ومصالح أبنائها والتفكير في مستقبلهم ومراقبة تعليمهم وتربيتهم، وأنه من الضروري أن تتمتّع بحقّها في احتلال مكانتها في البيت وتأخذ نصيبها من حقها في الحياة ونور الشمس على قدم المساواة مع الرجل وعندئذ كم سيشهد المجتمع الإسلامي من تغييرات…”.

          وتجدر الملاحظة، إلى أنه قد كانت لثقافة قاسم أمين المتنوعة وواسعة الآفاق والمختلفة عن ثقافة المصلحين التقليديين أثرها البالغ على المخيال الجمعي العربي من خلال دعوته لتحرير المرأة الذي لا يتم حسب رأيه بمجرّد تعليم النساء وإنّما بتطوير الأحكام الشرعية وتطوير نظام الأسرة عن طريق مراجعة مسألة الزواج والطلاق وتعدد الزوجات، ويقول في هذا المضمار : ” لا يتم إصلاح حال المرأة بمجرّد التربية وحدها، بل يحتاج إلى تكميل نظام العائلةولهذا رأينا من الضروري استلفات الذهن إلى أهم المسائل التي تمس بحياة العائلة، وهي الزواج وتعدد الزوجات والطلاق…”. وفي نفس اتجاه قاسم أمين سار المصلح التونسي الطاهر الحداد أحد رموز الجيل الثاني لزعماء الإصلاح العربي، فالمتأمل في فكره من خلال كتابه امرأتنا في الشريعة والمجتمع، يتبيّن شرطا جديدا مختلفا في مجال تحرر المرأة عما جاء به رواد الإصلاح. ويتمثل هذا الشرط في إعادة توزيع الأدوار بين الأسرة والدولة في مجال تنشئة الأطفال، حيث وعى بضرورة توسيع مجال التنشئة الاجتماعية وبشموليتها، فنادى بإقامة المؤسسات الكفيلة برعاية الأطفال بهدف تحرير المرأة من تبعية البيت ومن مكوثها فيه، وذلك لغاية تمكينها من التعليم ومن المشاركة المتساوية مع الرجل في مجال الحياة العامة، وفي هذا الصدد، يقول : “نعتبرها (أي المرأة) عضوا حيا وشريكا مساويا لنا في الحياة بقدر ما يصل بها استعدادها الذي ينمو بالثقافة والتعليم وأن نزيح عن طريقها حكم الإكراه والجبر الذي نأخذها اليوم به…”. إضافة إلى مناداته بمنع تعدد الزوجات وبالمساواة في الميراث بين الجنسين. ولقد جاءت دعوة الحداد هذه، في فترة تاريخية اتسمت بهيمنة مزدوجة، المستعمر من جهة والفكر الأصولي من جهة ثانية، وكان ذلك سنة 1930.

  1.     إن هذه الأفكار وغيرها قد أثرت في الفكر النسوي وقد ساعدت على بلورة وعي نسائي في مرحلة ما قبل الاستقلال. ففي سنة 1936 نشأت أولى الجمعيات النسائية في تونس، -“اتحاد النساء المسلمات“- على يد مجموعة من النساء الزيتونيات ومن أبرز الوجوه المؤسسة السيدة بشيرة بن مراد. ولئن ارتبطت هذه الجمعية بالجامعة الزيتونية في تونس، فإنها قد شكلت النواة الأولى للتنظيمات النسائية في البلاد. ولقد أسهمت من موقعها في بلورة المطالب المنادية بتحرير المرأة وبتحرير البلاد من ربقة الاستعمار. وفي سنة 1944 وإثر صعود اليسار الفرنسي إلى الحكم شهدت تونس بروز جمعية نسائية ثانيةاتحاد النساء التونسياتعلى يد مجموعة من مناضلات الحزب الشيوعي التونسي، ومن أبرز الوجوه النسائية المؤسسة لهذه الجمعية السيدتان غلاديس عدة ونبيهة بن ميلاد.       النضال النسائي الحقوقي في تونس والمغرب
    1. الحركات النسوية والمطلب الحقوقي: وعي بالمكان وتجاوز للزمان

بادئ ذي بدء، نتساءل ما إذا كانتالحركة النسائيةفي المغرب العربي عامة وفي تونس بشكل خاص قد شكلت فعليا حركة اجتماعية؟ وما هو مفهوم الحركة الاجتماعية وما هي مكوّناتها؟ وإلى أي مدى استطاعتالحركةصياغة مطالبها؟ وكيف تكوّنت نواتها الأولى في تونس؟ تعد هذه التساؤلات ضرورية لفهم ماهيةالحركة النسائيةوطبيعتها وأسسها النظرية والإيديولوجية. كما أن مقاربتها بالواقع المنتج لها وبمفهوم الحركة الاجتماعية يعتبر مدخلا ضروريا لفهم الثابت والمتحوّل في علاقة النساء بالرجال وفي علاقة المجتمع بالأسرة.

       تعرّف الحركة الاجتماعية بأنها تنظيم من الأشخاص ارتبطوا ببعضهم البعض لغاية الدفاع عن جملة من القضايا الاجتماعية المشتركة وصياغة مجموعة من المطالب المحددة والمتعلقة بالقضايا موضوع الدفاع. بهذا المعنى الحركة الاجتماعية ليست ظاهرة هامشية أو عشوائية فهي تنظيم محكم حول مجموعة من الأهداف. فهي تختلف ” (أي الحركة الاجتماعية) عن التنظيمات الحزبية، لأن هدفها ليس الوصول إلى السلطة بل أن هدفها يتمثل في ترجمة مجموعة من الأفكار في شكل فعل مطلبي محدد يهدف إلى التغيير“. وبالرجوع إلى عالم الاجتماع الفرنسي ألان تورانباعتباره أبرز من درس الحركات الاجتماعية (الطلابية والعمالية والنسوية)-، نجده يعرّف الحركة الاجتماعية من خلال المزاوجة بين ثلاثة مبادئ : مبدأ الهوية مبدأ الكلية ومبدأ المعارضة. ويحدّد مبدأ الهوية Identité المجموعة المطلبيةrevendicateur  groupe التي تسعى الحركة الاجتماعية للدفاع عنها : العمال، النساء، الأطفالفي حين يحدد مبدأ المعارضة Opposition ماهية الحركة الاجتماعية، وإذا فُقد هذا المبدأ تفقد الحركة الاجتماعية سبب وجودها. أما مبدأ الكلية  Totalitéفهو يعني بأن الحركة الاجتماعية تتحرك وفق مجموعة من القيم والمبادئ المعتبرة سامية من طرفها. ويعتبر ألان توران بأن قوة وفعالية الحركة الاجتماعية تقاس وفق درجة تداخل واتساق المبادئ الثلاثة المبينة أعلاه.

       وفق هذا المنظور السوسيولوجي يمكن أن نحدد الحركة النسائية في تونس التي نشـأت في أواخر السبعينات وتحديدا سنة 1978 بالنادي الثقافي الطاهر الحداد، كونها حركة اجتماعية، إذ تتوفر فيها الخصائص الثلاثة التي حددها ألان توران. “ففي هذا النادي وضعت المبادئ الكبرى التي وجهت الحركة على امتداد تطوّرها، ولقد كان هذا النادي أول فضاء غير رسمي مفتوح لكل النساء. وقد مثّل لهن مكانا للاعتراف المتبادل بقدراتهن. وفي خضم الصراعات والمناقشات الساخنة، عبّرت النساء عمّا هو كامن في ذواتهن“. وقد أثار النادي العديد من القضايا ذات العلاقة بالوضع الخصوصي للنساء، فتعددت الرؤى والمواقف والآراء، فبرز بالتالي اتجاهان صلب الحركة النسوية المستقلة بتونس، أحدهما راديكالي وآخر إصلاحي  وتجدر الإشارة في هذا المضمار بأن الحركة النسوية المستقلة في تونس قد قدمت نفسها كونها حركة اجتماعية مطلبية تسعى إلى تغيير أوضاع النساء وإلغاء كافة أشكال التمييز بين الجنسين. وهي حركة قد جمّعت مجموعة من المناضلات اليساريات اللواتي أعلنّ استقلاليتهن عن كل التنظيمات الحزبية أو التيارات الفكرية التي كانت تنتشر خلال السبعينات في تونس. وقد ارتكزت على مجموعة من القيم والمبادئ السامية المتجذرة في الفكر الإنساني العالمي. وتعتبر هذه الحركة في تمايز تام مع التنظيم النسائي الوحيد (الاتحاد الوطني للمرأة). وإزاء ما تقدم ذكره، نشير بأن الوعي بالقضايا الخصوصية للنساء في تونس قد بدأ في فترة تاريخية تعود إلى أواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين.

       شهد تطور الحركة النسائية في تونس مراحل متعدّدة ومختلفة ومتنوّعة في ذات اللحظة. فالحركة النسائية في تونس قد بدأت إثر وعي نسوي غذته التيارات الإصلاحية في تونس ما قبل الاستقلال. ولقد مثلت سنة 1924 وسنة 1929 مرحلة بارزة في تاريخ النضال النسائي في تونس، فهي المرحلة التي شهدت النواة الأولى لأولى التحركات النسائية من خلال مداخلتين بارزين لكل من السيدة منوبية الورتاني والسيدة حبيبة المنشاري، اللتين حضرتا في اجتماعين منفصلين للحركة الوطنية التونسية، وتكلّمتا لأول مرّة عن مطالب نسائية ودعتا إلى خروج المرأة وتعليمها وضرورة مشاركتها في الحياة العامة وإلى رفع الحجاب عنها، وقد كانتا سافرتي الوجه خلال مداخلتيهما. مثّلت هاتان السيدتان أولى المناضلات النسويات في حقبة تاريخية اتّسمت بالاستعمار وبوضع دوني للمرأة، وبقيت مداخلتهما محفورة في ذهنية المجتمع التونسي.

    1. الجمعيات النسائية التونسية في فترة الاستعمار، التركيبة والمطالب

      تمثل الجمعيات النسائية التونسية في فترة الاستعمار جزءاً لا يتجزأ من الحركة الجمعياتية التونسية التي شهدت بروزها في أواخر القرن التاسع عشر، والتي ارتبطت عضويا بأوضاع البلاد آنذاك، وبمطالب الحركة الوطنية التونسية في تلك الحقبة. ومنذ نشأته سنة 1936، سعى اتحاد النساء المسلمات لتحقيق مجموعة من الأهداف أبرزها :

  • تجميع النساء المسلمات ونسج علاقات تعارف، صداقة وتضامن بينهن، لغاية الدفاع عن أسرهن وعن الحرية والديمقراطية.
  • توجيه النساء والفتيات التونسيات نحو التعليم والأخلاق في إطار الروح الإسلامية، ورفع مستواهن الثقافي والاجتماعي والمدني.
  • تنظيم دروس ومحاضرات ومنتديات وإصدارات
  • تكوين وتطوير المؤسسات لفائدة الطفولة والشباب من خلال تكوين لجان مختصة في هذا المضمار.

          لقد تكوّن هذا الاتحاد من مجموعة من النخبة النسائية من تونس العاصمة، وتنوّعت توجهاتهن، فمنهن من كن تقليديات traditionalistes وزيتونيات التعليم، ومنهن من كن وطنيات وحداثيات Modernisantes. ولقد كوّنت هذه الجمعية فرعاً للفتيات المسلمات سنة 1944 وذلك لغاية توسيع دائرة نشاطها.

         ولقد تأسس اتحاد النساء التونسيات سنة 1944 بدعم من الحزب الشيوعي التونسي آنذاك، وتدعم دور هذا الاتحاد إثر تكوين اتحاد الفتيات التونسيات سنة 1954. ولم ينشأ هذا الاتحاد جراء مبادرة وطنية تونسية، إذ ارتبطت نشأته بنشوء شبكة من الجمعيات النسائية التي كانت وراءها الأحزاب الشيوعية على صعيد دولي. ففي 26 نوفمبر 1945 وعلى إثر انعقاد المؤتمر الدولي الأول للجمعيات النسائية المرتبطة عضويا بالأحزاب الشيوعية تمّ بعث الفيدرالية الديمقراطية الدولية للنساء التي انخرط فيها اتحاد النساء التونسيات. ومنذ ذلك التاريخ تبنى هذا الاتحاد الاحتفال باليوم العالمي للمرأة الموافق لـ 8 مارس من كل سنة، ودأب على الاحتفال به بشكل منتظم إلى غاية 1952.

      وتجدر الإشارة إلى أن هذا الاتحاد قد انخرط في النضال الوطني الموجه ضد المستعمر، كما صاغ المطالب المنادية بتحرير المرأة وبالديمقراطية والحرية. أما تركيبة هذا الاتحاد فقد كان في بداية نشأته يضم تونسيات ومجموعة من نساء الجالية الفرنسية في تونس. ومع المؤتمر الثالث لهذا الاتحاد استطاعت النساء التونسيات أن يحصلن على مواقع مهمة في هذا التنظيم، فاحتلت السيدة قمر البحري بمعية السيدة فاطمة بن رمضان على موقع نائبة الرئيسة التي كانت من أصل فرنسي. ومع المؤتمر الرابع والأخير لهذا الاتحاد خلت من هيئته المديرة نساء الجالية الفرنسية وتكوّن المكتب الأخير من التونسيات فقط وتولت السيدة نبيهة بن ميلاد رئاسة الاتحاد. وقبل حصول تونس على الاستقلال بستة أشهر (1956) تمّ حل الاتحادين (اتحاد النساء المسلمات واتحاد النساء التونسيات) المذكورين أعلاه، إثر تكوين النواة الأولى للاتحاد النسائي التونسي (الاتحاد الوطني للمرأة) الذي ارتبط عضويا ومنذ نشأته بالحزب الاشتراكي الدستوري .

2.3. التطورات المعاصرة في مجال الحقل النسائي التونسي

          نشأت الحركة النسوية المستقلة كرد فعل مباشر على أحادية النظرة للقضايا النسائية، وكتعبير مستقل للنساء عن كل التنظيمات السياسية الرسمية وغير الرسمية في البلاد. ولقد بدأ التفكير في القضايا الخصوصية للنساء بشكل غير رسمي في النادي الثقافي الطاهر الحداد من خلال نادي دراسة قضايا المرأة الذي أسسته مجموعة من الطالبات ذات التوجه اليساري. وأمام تدفّق الرّواد على هذا النادي وتشتّت المواضيع صاغت عضوات النّادي أرضية عمل مشتركة، تُحدّد المشغل العام للعضوات، تضمّنت جملة من الأهداف التي تمثّلت في:

  • تحديد المشاكل الخصوصية التي تعترض النّساء التونسيات لأجل ممارسة مواطنتهن.
  • التحديد الدّقيق والموضوعي للتمظهرات الفعلية والمادية لهذه المشاكل. ويتمّ ذلك عن طريق البحوث والشهادات وتبادل الخبرات والنّقاش
  • توفير كل أنواع الوثائق التي لها علاقة بالموضوع.
  • تحليل وتلخيص تأليفي للمعطيات التي توفّرها الدّراسات المتوفّرة على الساحة.
  • تنظيم مجموعة من النّشاطات الثقافية التي تهدف إلى التحسيس التوعوي لأوسع ما أمكن من النّاس.

تكوين مكتبة مختصّة.

  • تنظيم ندوات ونقاشات
  • إصدار مجلّة تهتم بنشر البحوث والدّراسات التي يقوم بها النّادي، وإتاحة الفرصة لكلّ الرّاغبين في إبداء وجهة نظره حول الموضوع.

         اتّسعت داخل هذا النّادي رقعة الحوار حول دور النّساء في مؤسّسات المجتمع المدني، وحول طبيعة الوجود الإنساني للمرأة. فاكتسحت مناضلات هذا النّادي المجال العام بتكوينهن نواتات في مجالات متعدّدة شملت المجال النّقابي والإعلامي والقانوني والعلمي والسياسي. “وفي سنة 1982 تكوّنت صلب عضوات الحركة مجموعة النّساء الديمقراطيات، وقد أصدرت هذه المجموعة ولأوّل مرّة بياناتضامنيا مع الشعب الفلسطيني واللّبناني إثر الغزو الإسرائيلي للبنانممضى باسم النّساء الدّيمقراطيات. وإثر مجموعة من النشاطات قامت بها مجموعة النّساء الدّيمقراطيات، فُتحت حوارات ونقاشات فيما بين مناضلات النادي،بدأت سنة 1983 وانتهت في خريف 1984- حول مجموعة من الأسئلة غايتها البحث عن هويّة مشتركة لأفراد هذه المجموعة، أهمّها: من نحن؟ ما الذّي سوف نقوم به مع بعضنا البعض؟ وما الذّي يميّزنا عن الآخرين؟

      تبيّنت عضوات النادي من خلال النّقاشات التي دارت بينهن، محدودية النّشاط غير الرّسمي L’informel، حينئذ اتّجه تفكيرهن نحو ضرورة تأسيس جمعية قادرة على التعبير على مشاغلهن، وعلى النّضال من أجل مكافحة كافّة أشكال التمييز الجنسي. ولقد أفضت النّقاشات إلى ضرورة تعبير النسويات عن آرائهن بشكل علني يتجاوز إطار النّادي، فكان تأسيس جريدةنساءالتي أصدرت أوّل عدد لها في أفريل 1985.  لقد تركّزت نقاشات المجموعة آنذاك، حول جملة من المواضيع أهمّها كيفية مواجهة الرّأي العام. وفي هذا الصدد تقول إلهام المرزوقيعاملان طبعا النّقاش حول هذه النّقطة (أي إصدار المجلّة): العامل الأوّل، تركّز فيه النّقاش حول الخوف من سحب التأشيرة القانونية للمجلّة. والعامل الثاني، تعلّق بمضمون الخطاب النّسوي، وبكيفية تأسيسه لكي يكون قابلا أن يتّجه إلى رأي عام أو جمهور متسلّح بالعقائد والعادات. ولذلك تكثّف النّقاش حول المحتوى المراد تبليغه بصورة مقبولة، والذي قد يطمس بشكل من الأشكال صورةالنسويات الملتزماتالتي أرسيت منذ نشأة النّادي إلى لحظة صدور مجلّة نساء“.

          لم يمنع فشل تجربة مجلّةنساءعضوات النادي من مواصلة حركتهن ونضالهن بالرّغم من تراجع عددهن. وهو ما أفرز لاحقا تأسيس جمعيتين، حصلت الأولى على التأشيرة القانونية في جانفي 1989، وهي جمعية النساء التونسيات للبحث حول التنمية AFTURD. وقد جمّعت مناضلات النّادي الباحثات منهن والمهتمات بالبحث، وهي جمعية علمية تتّجه إلى دراسة القضايا الخصوصية للمرأة عن طريق البحوث والدّراسات. وحصلت الجمعية الثانية، على التأشيرة القانونية في أوت 1989، وهي الجمعية التونسية للنّساء الدّيموقراطيات ATFD، التي جمّعت في صلبها كل الرّاغبات من عضوات النّادي في النّضال الميداني من أجل تفعيل الحقوق الإنسانية للمرأة، ومن أجل إلغاء كافة أشكال التمييز ضدّها. “تستند الجمعية التونسية للنساء الدّيمقراطيات على مجموعة من المبادئ التي مثّلت محاور نقاشات طويلة بين عضوات نادي دراسة قضايا المرأة في البداية، ثمّ بين عضوات الجمعية في مرحلة لاحقة. أبرز هذه المبادئ: التعدّدية Pluralité، الاستقلالية Indépendance، الاستقلال الذاتي Autonomie، اللاّئكية Laïcité،  عدم الاختلاط La  non  mixité.

        ولئن بلورت الحركة النسوية المستقلة في متن نقاشات وصراعات عضواتها المبادئ الثلاثة الأولى، فإن مبدأ اللاّئكية لم يأخذ حظه من النّقاش إلاّ في فترة لاحقة، وتحديدا بعد إنشاء الجمعية التونسية للنّساء الديمقراطيات. وتعود جذور المبادئ الأربعة الأولى إلى الفكر الماركسي الذي  تبلورت من خلاله المفاهيم الأولى للحركة النسوية المستقلة بحكم انتماء عضواتها إلى التّيارات الماركسية التونسية المنتشرة في تلك الحقبة التاريخية“. وفي هذا الصدد، تقول إلهام المرزوقيفي معرض تناولها لمختلف الاستراتيجيات التي مرّت بها الحركة النسوية المستقلة– “تعود الاستراتيجية الأولى اليسارية، إلى المرحلة الأولى لتأسيس الحركة التي ارتكز فيها النّقاش حول  المقاربة النظرية النسوية الثورية الّتي تعتبر أن تحرّر المرأة يمرّ حتما من خلال تحرّر المجتمع، وأن المرأة تعيش ثنائية الاضطهاد الأبوي والاضطهاد الرأسمالي [ أو بعبارة أخرى الاضطهاد الجنسي والاضطهاد الاقتصادي]. أمّا مبدأ عدم الاختلاط، فقد تبلور من خلال تطوّر النقاشات داخل نادي دراسة قضايا المرأة حول ضرورة دراسة القضايا الخصوصية للمرأة من خلال عيون النّساء. ويستقي هذا المبدأ جذوره من الفكر النسوي الحديث، الذي يعارض كلّ القيم الأبوية المترسّخة في البناء الثقافي المجتمعي. ومن منطلق مناهضة هذا الفكر تناضل الجمعية التونسية للنّساء الدّيمقراطيات من أجل:

  • إلغاء كلّ أشكال التمييز ضدّ النّساء.
  • الدّفاع عن حقوق النّساء المكتسبة والمساهمة في تطوير القوانين في اتّجاه المساواة الفعلية بين الجنسين.
  • تغيير ومجابهة العقليات الأبوية ودفع النّساء لأخذ قضاياهن، والنّضال جميعا من أجل إيجاد الحلول الكفيلة.
  • ضمان المساهمة الفعلية للنّساء في الحياة العامّة والسياسية كمواطنات كاملات الحقوق.

         

          تعتبر النسويات حقوق النّساء والمساواة جزءا لا يتجزّأ من حقوق الإنسان، وينصهر الدّفاع عن هذه الحقوق ضمن النّضال من أجل القضاء على كلّ أشكال التمييز الجنسي والعرقي والدّيني. وتستند النسويات إلى المرجعية الفكرية الحقوقية حسبما هو وارد في ميثاقها وفي نظامها الدّاخلي، وهي الشرعة الدّولية ومبادئ حقوق الإنسان المعلنة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وحقوق المرأة الواردة في اتّفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، الصادرة عن الجمعية العمومية للأمم المتحدة المجتمعة في كوبنهاقن سنة 1979. وتحاول هذه الجمعية من خلال نشاطاتها نشر ثقافتها وتطويرها ومواكبتها مع مختلف التطوّرات التي تطرأ على الساحة الوطنية والدّولية، كما أنّها تدافع عن المكاسب التي تحقّقت لفائدة النساء التونسيات. ومن منطلق، ما يحدثه إقرار القوانين من تأثير على تطوير العقليات، تطالب بتطوير القوانين في اتّجاه إقرار المساواة الفعلية بين الجنسين، وذلك من خلال رفع التحفّظات التي أبدتها الدّولة التونسية عند مصادقتها على اتّفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضدّ المرأة.

   

          تستند مجمل أنشطة الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات إلى الأهداف التالية: السعي إلى تحقيق المساواة بين الجنسين، ومناهضة كافة أشكال التمييز ضدّ المرأة، لاسيما منها العنف المسلّط عليها، وذلك ضمانا لمواطنة كاملة الحقوق، وتطبيقا لمبدأ التضامن بين النّساء، وانخراطا في النّضال الديمقراطي العام داخل البلاد. ولأجل تفعيل هذه الأهداف أقامت الجمعية علاقات شراكة مع مجموعة من الجمعيات المستقلّة التي تهدف إلى احترام حقوق الإنسان وإقرار مناخ سياسي متعدّد تحترم فيه كل الآراء. كما تنتمي هذه الجمعية بمعية جمعية النساء التونسيات للبحث حول التنمية إلى المجموعة المغاربية من أجل المساواة 95، وهو تجمّع نسائي مغاربي متكوّن من جمعيات مستقلة ومن شخصيات نسائية. وبالإضافة إلى هذا الانتماء المغاربي، تنتمي الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات إلى شبكة عربية متكوّنة من مجموعة من الجمعيات العربية النّاشطة في مجال حقوق النّساء، ويطلق عليهامنتدى النّساء العربيات عايشة“.

        ولئن تنادي النساء الديمقراطيات بالدفاع عن المكتسبات التي حصلت للمرأة والتي كانت وراءها إرادة سياسية رسمت توجها تحريريا للنساء فإنها تطرح مجموعة من القضايا الأخرى، أبرزها تحقيق المواطنة الكاملة للنساء وتحرير قدراتهن وإرساء المساواة التامة بين الجنسين ونبذ العنف المسلط عليهن باعتباره أبرز أشكال التمييز الممارس ضد المرأة. وهي من خلال هذه الرؤية للقضايا النسائية منخرطة بفكرها ومبادئها في الأهداف التي ترمي لها الحركة النسوية العالمية التي تسعى لتحقيق المساواة وإقرار مبدأي الكوتا أو التناصف كاستراتيجيات مرحلة في مجال تمكين النساء وتحقيق تكافؤ الفرص بين الجنسين. ومن جهتها تسعى جمعية النساء التونسيات للبحث حول التنمية المنخرطة بأهدافها في الفكر النسوي المستقل إلى تحقيق ذات المبادئ من خلال القيام ببحوث ودراسات حول أوضاع النساء في تونس، ومن خلال الدورات التكوينية التي تنظمها بشكل دوري حول قضايا النوع الاجتماعي.

     يعد المشروع النسوي التونسي مشروعا متقدما عن الواقع الاجتماعي والثقافي للبلاد. فهو مشروع متجذر في الثقافة المساواتية والعلمانية، ولذلك، مثلت المناداة باللائكية أي بفصل الدين عن الدولة أحد

المشاغل الرئيسية للمناضلات النسويات، إلا أن هذا المبدأ بقي مجرد شعار غير قابل إلى أن يكون مدار نقاشات وطنية واسعة. ويمثل ذلك، نقطة ضعف حقيقية في مسار تطور هذا الفكر الذي تعبّر عنه النسويات في تونس. فبدا مشروعهن غربيا وبعيدا عن الواقع الاجتماعي التونسي. إن تقييما كهذا، لا يقلل من أهمية الجمعيتين ومن الدور الذي يلعبانه في عملية الحراك الاجتماعي. فقد مثلت جمعية النساء الديمقراطيات صمام أمان في كل التحركات السياسية المنادية بالديمقراطية وبإطلاق الحريات وتكريس مبادئ حقوق الإنسان.

     

         وهو نضال متواصل إلى اليوم أي بعدثورة 14 جانفي 2011″ اذ اتجهت الجمعيات النسوية إلى توسيع دائرته من خلال تجميع الجمعيات الحقوقية وتكوين الشبكات والتنسيقيات المتخصصة وعلى سبيل الذكر وليس الحصر، تكوين تنسقية وطنية حول قضايا العنف المسلط على النساء وتنسيقية ثانية من أجل المساواة في الميراث وتنسيقية من أجل الحريات الفردية. وهي تنسيقيات قد كانت وراء تقديم العديد من المرافعات وتنظيم نشاطات للضغط من أجل إصدار التشريعات الجديدة التي تشكل نقلة نوعية في التشريع مقارنة بالتشريعات الموجودة في البلدان العربية وحتى الأوربية منها.

3. التشريع التونسي بين الخصوصية وكونية حقوق الإنسان

مكتسبات دولة الاستقلال

    1.         اتجهت دولة الاستقلال إلى تحديث الأسرة والمجتمع وكان أول قانون أصدرته الدولة هو مجلة الأحوال الشخصية سنة 1956 قبل صدور الدستور سنة 1959. وهي مجلّة تنظم العلاقات داخل الأسرة وتتضمن أحكاما خاصة بالعلاقة بين الجنسين. وتعد مجلة الأحوال الشخصية ضمن النصوص التشريعية كأبرز عنوان للمكتسبات الاجتماعية والقانونية التي تحققت للمرأة. فقد أرست المجلة التونسية للأحوال الشخصية حقوقا أساسية للمرأة من أهمها الاقرار بحقها في اختيار قرينها وتحديد السن الدنيا للزواج بسن الرشد القانوني أي 18 سنة. كما نظمت الزواج وجعلته مدنيا يبرم بحجة رسمية ولا يفك إلا بقرار قضائي، واعترفت للمرأة بدور الشريك في رعاية الأسرة علاوة على منع تعدد الزوجات وتكريس حق الزوجة في طلب الطلاق، فألغي بمقتضى ذلك التطليق وأعطيت الصلاحية لقاضي الأسرة في النظر في الحضانة وتقديرها على أساس مصلحة المحضون.

       لقد شهدت هذه المجلة العديد من التنقيحات والتعديلات، ولعل أبرزها تنقيح سنة 1993 الذي شكل المجلة وكل القوانين ذات العلاقة بالمرأة. فتم إقرار المساواة وعدم التمييز بين الجنسين في قانون الشغل واعتبر العنف المسلط على النساء ظرف تشديد في القانون الجزائي، كما تمّ حذف مبدأ الطاعة وتعويضه بمبدأ الشراكة والاحترام المتبادل بين الشريكين. وبمقتضى الفصل 23 جديد أصبحت المرأة تساهم في الإنفاق الأسري إذا كان لها مال. كما ضمنت قوانين الجنسية للمرأة التونسية التي تقترن بأجنبي حق منح جنسيتها لأبنائها. فيما نظم القانون عدد 91 لسنة 1998 المؤرخ في 09 نوفمبر 1998 نظام الاشتراك في الأملاك بين الزوجين والذي يحمي عند اختياره من قبل الزوجين حقوقهما في حال انتهاء الرابطة الزوجية في الأملاك المكتسبة خلال الحياة الزوجية. وهو نظام اختياري بمعنى للزوجين اختياره أو الاستعاضة عنه بقانون الفصل بين الأملاك. ورافق منع تعدد الزوجات تجريم الزواج العرفي الذي اعتبره القانون التونسيزواج على غير الصيغ القانونيةبمعنى أنه يوجب العقاب والتتبع القضائي.

الجديد في التشريع التونسي

    1. حقوق النساء الواردة في دستور الجمهورية الثانية

          إن الحقوق التي تتمتع بها النساء في تونس هي نتاج طبيعي للإرث الثقافي والحضاري الذي عرفه المجتمع التونسي خلال عقود من تاريخه، إلى جانب النضال المستمر للحركات النسائية المتنوعة والمتعددة التي شهدها المجتمع عبر تاريخه الاجتماعي. ويضاف إلى هذا الإرادة السياسية للزعيم الحبيب بورقيبة الذي جسّد أفكار الطاهر الحداد في جانب كبير من التشريع التونسي غداة الاستقلال ضمن توجه مخصوص اتجه نحو التحديث والتعصير للحياة الاجتماعية والأسرية. وبناء على الزخم التاريخي والحضاري لتونس تراكمت المكتسبات وتواصلت النضالات. وقد شهدت تونس بعد 14 جانفي 2011 حراكا اجتماعيا كبيرا مطالبا بتطوير حقوق النساء والمحافظة على مكتسباتها القانونية التي تعد عنوانا للدولة المدنية الحداثية.

      تصاعدت وتيرة الحراك الاجتماعي والحقوقي مع أشغال المجلس الوطني التأسيسي وصياغة دستور الجمهورية الثانية وكان له دور هام في تحديد أحكامه. ولقد أكد الدستور في الفصل 46 منه على انالدولة تلزم بحماية الحقوق المكتسبة للمرأة وتعمل على دعمها وتطويرها، فيما نص الفصل 21 منه على الآتي: “المواطنون والمواطنات متساوون في الحقوق والواجبات وهم سواء أمام القانون من غير تمييز“. ولئن أكد الفصل 21 على المساواة في الحقوق والحريات وعدم التمييز فإن الفصل 46 علاوة على تأكيده التمسك بمكتسبات دولة الحداثة فيما تعلق بحقوق المرأة وعلى وجوب عدم الاكتفاء بها والسعي نحو تدعيمها فإنه قد اتجه إلى إقرار:

  • مبدأ التناصف بين الجنسين في الانتخابات وفي الكل الهيئات المنتخبة

مبدأ تكافؤ الفرص بين الجنسين

  • دور الدولة في حماية النساء من كافة أشكال العنف المسلط عليها


       كما دعم الدستور حماية الحقوق المكتسبة بجملة من الاجراءات، إذ نص الفصل 65 منه على أن قوانين الأحوال الشخصية تتخذ صبغة القوانين الأساسية. وتتميز القوانين الأساسية بكونها قوانين تستوجب اجراءات خاصة في تداولها بالمجلس التشريعي ولا تتم المصادقة عليها إلا بأغلبية مدعمة تتمثل في الأغلبية المطلقة لأعضاء المجلس النيابي بما يضمن صعوبة المساس بها. ويعتبر ذلك إجراءً مهماً لحماية الحقوق المكتسبة للنساء خاصة بعد أن ظهرت تهديدات بالتراجع عن تلك الحقوق من قبل الحركات الإسلامية والسلفية التي ظهرت وانتشرت غداة 14 جانفي 2011. ولم يكتف المشرّع بذلك بل ضمّن عدم جواز أي تنقيح يمسّ من مكتسبات حقوق الانسان وحمل القضاء مسؤولية حماية تلك الحقوق من كل انتهاك في الفصل 49 من الدستور وأوكل للمحكمة الدستورية واجب حراسة حقوق المرأة المكتسبة.

         إن الجدل الواسع الذي عرفه المجتمع التونسي خلال فترة كتابة الدستور قد اتسم بنزاع كبير بين تيار تقليدي وتيار حديث وفي إطار التوازن ونفيا للمخاوف التي رافق الجدل حول حقوق النساء نص الفصلالسابع من الدستور على أن الأسرة الخلية الأساسية للمجتمع وعلى الدولة حمايتها، وقد بدا ذلك وكأنه نوع من الضمانة والحرث على أن لا يؤدي الاقرار بحقوق النساء للمس بالأسرة كما يروج لذلك المعترضون على الاتفاقات الدولية التي تحمي المرأة وخصوصا منها اتفاقية سيداو التي صادقت عليها الدولة التونسية سنة 1985 بتحفظات كانت قد ألغتها في صائفة سنة 2011 وخلال تولي الباجي القائد السبسي لمنصب رئيس حكومة آنذاك.

         ونشير أيضا، إلى أن النساء في تونس قد حصلن على حقهن في الانتخاب والترشّح منذ سنة 1957، وبأن التعديلات التي عرفها القانون الانتخابي سنة 2011 و2014 الذي كرّس التناصف قد عزّز هذا الحق. كما أنه بمقتضى ما جاء في الدستور قد شهدت تونس ولأوّل مرّة منذ تاريخها إقرار حق ترشح المرأة لرئاسة الجمهورية ليرفع بذلك الاعتراض الذي كان موجودا منذ دستور سنة 1959 وهو حق اعتبره المشرع غير متعارض مع أحكام الفصل 1 من الدستور الذي جاء فيه: “تونس دولة  حرة مستقلّة، ذات سيادة، الإسلام دينها، والعربية لغتها، والجهورية نظامها“. وتعتبر أحكام الدستور الجديد في تونس خطوة عملاقة في اتجاه تدعيم حقوق المرأة خصوصا وأن مبدأ المساواة الذي تم اقراره أردف بتمييز إيجابي للمرأة وحرص على مواصلة حمايتها بالنظر للواقع الاجتماعي الذي ما زال يكرّس التمييز ويفرض الهشاشة. وتعبّر أحكام دستور الجمهورية التونسية الثانية عن عمق الوعي الجماعي بحقوق المرأة ومكانتها في تحقيق البناء الديموقراطي. كما اتجهت تلك الأحكام إلى اعتبار حقوق النساء ثوابت وطنية لا مجال للتفريط فيها بل وجب تطويرها وتدعيمها.

      1. قوانين مثيرة للجدل أو الاستثناء التونسي
  • القانون عدد 58 لمناهضة كافة أشكال العنف المسلط على النساء

        إن العنف ضد المرأة، «هو مظهر لعلاقات قوى غير متكافئة بين الرجل والمرأة عبر التاريخ، أدت إلى هيمنة الرجل على المرأة وممارسته التمييز ضدها» ونتيجة لذلك، فإن ديناميات العنف ضد المرأة، وصور العنف التي تتعرض لها المرأة، وشدته وتكراره، وعواقبه، تختلف اختلافًا كبيرًا عن العنف الذي يتعرض له الرجال. وعليه فإن إصدار قانون يناهض العنف المسلط على النساء مسألة ضرورة وذات أهمية بالغة. فما هي أهم أركان هذا القانون الجديد؟ وما هي آثاره على المجتمع وعلى الذهنيات المجتمعية؟

         يتكون القانون الأساسي عدد 58 المؤرخ في أوت 2017 المتعلق بالقضاء على العنف ضد المرأة من 44 فصلا تمّ بمقتضاها تعديل فصول في المجلة الجزائية وغيرها من القوانين الأخرى المتعلقة بحقوق النساء والأطفال. ويندرج هذا القانون في إطار تكريس المساواة التامة والفعلية بين الجنسين إضافة إلى مبدأ احترام الكرامة الانسانية وذلك باعتماد مقاربة شاملة تقوم على التصدي لمختلف أشكال العنف من خلال الوقاية والحماية والتجريم والردع. وقد اتجه هذا القانون الذي ارتكز على نظرة حقوقية صرفة إلى تجريم كافة أشكال العنف المسلط على النساء وإلى اتخاذ تدابير حمائية ووقائية. ويهدف هذا القانون إلى وضع التدابير الكفيلة بالقضاء على كل أشكال العنف ضد المرأة القائم على أساس التمييز بين الجنسين من أجل تحقيق المساواة واحترام الكرامة الإنسانية، وذلك باتباع مقاربة شاملة تقوم على التصدي لمختلف أشكاله بالوقاية وتتبع مرتكبيه ومعاقبتهم وحماية الضحايا والتعهد بهم. 

       لم يهتم قانون مناهضة كافة أشكال العنف المسلّط على النساء بالعنف الزوجي أو الأسري الذي يقع في المجال الخاص بل تجاوزه للعنف الذي يقع في الفضاء العمومي وقد جاء في الفصل الثاني التأكيد على أن القانون يناهض العنفمهما كان مرتكبوه وأيا كان مجاله“. ولقد تمّ تخصيص الفصل الثالث منه لتعريف لائحة من المصطلحات ذات العلاقة كما عرّف أنماط العنف التي يشملها وهي الآتية:

العنف المادي

كل فعل ضار أو مسيء يمس بالحرمة أو السلامة الجسدية للمرأة أو بحياتها كالضرب والركل والجرح والدفع والتشويه والحرق وبتر أجزاء من الجسم والاحتجاز والتعذيب والقتل .

العنف المعنوي

كل اعتداء لفظي كالقذف والشتم أو الإكراه أو التهديد أو الإهمال أو الحرمان من الحقوق والحريات والإهانة والتجاهل والسخرية والتحقير وغيرها من الأفعال أو الأقوال التي تنال من الكرامة الإنسانية للمرأة أو ترمي إلى إخافتها أو التحكم فيها.

العنف الجنسي 

كل فعل أو قول يهدف مرتكبه إلى إخضاع المرأة لرغباته أو رغبات غيره الجنسية باستخدام الإكراه أو التغرير أو الضغط وغيرها من وسائل إضعاف وسلب الإرادة وذلك بغض النظر عن علاقة الفاعل بالضحية.

العنف السياسي 

هو كل فعل أو ممارسة يهدف مرتكبه إلى حرمان المرأة أو إعاقتها عن ممارسة أيّ نشاط سياسي أو حزبي أو جمعياتي أو أي حق أو حرية من الحقوق والحريات الأساسية ويكون قائما على أساس التمييز بين الجنسين.

العنف الاقتصادي 

كل فعل أو امتناع عن فعل من شأنه استغلال المرأة أو حرمانها من الموارد الاقتصادية مهما كان مصدرها كالحرمان من الأموال أو الأجر أو المداخيل، والتحكم في الأجور أو المداخيل، وحظر العمل أو الإجبار عليه.

التمييز ضد  المرأة 

كل تفرقة أو استبعاد أو تقييد يكون من آثارها أو أغراضها النيل من الاعتراف للمرأة بحقوق الإنسان والحريات على أساس المساواة التامة والفعلية في الميادين المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، أو إبطال الاعتراف للمرأة بهذه الحقوق أو تمتعها بها وممارستها بغض النظر عن اللون أو العرق أو الدين أو الفكر أو السن أو الجنسية أو الظروف الاقتصادية والاجتماعية أو الحالة المدنية أو الصحية أو اللغة أو الإعاقة

        وفي اطار المقاربة الجزائية الجديدة المعتمدة في القانون عدد 58 لسنة 2017 تبنى المشرع اتجاهين جديدين أولهما، اعتبار اعتداء الأصل على الفرع ظرف تشديد، وبالتالي قطع مع الموروث الاجتماعي القائم على فكرة تأديب الطفل لا يدخل تحت طائلة المؤاخذة وهو توجه ينسجم مع ما جاء في مجلة حماية حقوق الطفل. أما الاتجاه الثاني، فقد تمثّل في التوسع في مفهوم القرين ليشمل الخطيب والخطيب السابق وهو يتلاءم مع التطور المجتمعي ويعطي لفقه القضاء سلطة في تحديد مفهوم الخِطبة والخِطبة السابقة.

        وبمقتضى هذا القانون تمّ تحوير فصول من المجلة الجزائي فقد جرم الفصل 227 جديد الاغتصاب وبين ركنه المادي والمتمثل فيكل فعل إيلاج جنسي مهما كنت طبيعته والوسيلة المستعملة ضد أنثى أو ذكر دون رضا“. وتجدر الملاحظة أن المشرع في خصوص جريمة الفصل 227 مكرر والمتعلقة بالجرائم الجنسية الرضائية رفع في سن التمييز الجزائي الجنسي ليصبح 16 سنة عوضاً عن 13 سنة، كما فرض أن يحتسب أجل التقادم في الجرائم التي تستهدف القصر من تاريخ ترشدهم كما جاء هذا الفصل ليلغي الأحكام القانونية التي تمكن الجاني من الافلات من العقاب عند الزواج من الضحية. ويعد هذا إنجازاً مهما وتطورا في مجال التشريع وهو استجابة لمطالب الحركة النسائية التي نادت بإلغاء الفصل 227 الموجود بالمجلة الجزائية الصادرة في سنة 1913. كما اتجه التجريم للتحرش الجنسي ونقّح القانون الذي صدر في سنة 2004 بأن اتجه لتوضيح القرائن وتشجيع النساء على التظلم.

     وفي الجانب الوقائي والحمائي شدّد القانون على دور الدولة في ذلك من خلال بلورة أدوار مخصوصة لعدد من الوزارات والمؤسسات العمومية. فعلى الدولة أنتتخذ الدولة كل التدابير اللازمة للقضاء على كل الممارسات التمييزية ضد المرأة خاصة على مستوى الأجر والتغطية الاجتماعية ومنع الاستغلال الاقتصادي، إلى جانب اتخاذها لعدد من التدابير الوقائية المتعددة للحدّ من العنف في اتجاه القضاء عليه. كما نص على الحقوق التي تتمتع بها المرأة ضحية العنف والأطفال المقيمين معها وهي:

  • الحماية القانونية
  • النفاذ إلى المعلومة والإرشاد القانوني
  • الإعانة العدلية
  • التعويض العادل وفي صورة استحالة التنفيذ تحل الدولة محل الضحايا في الاستخلاص
  • المتابعة الصحية والنفسية والمرافقة الاجتماعية
  • الإيواء الفوري ( في حدود الامكانات المتاحة)

       كما كرّس القانون واجب الإشعار بأي ممارسة عنيفة تطال النساء سواء في الفضاء الخاص أو الفضاء العام. وهو تمشّ ومنهج يتجه إلى تحميل المسؤولية الجماعية للمجتمع بكافة أفراده لغاية كسر حاجز الصمت نحو تلك الجرائم التي طالما اعتبرها المجتمع من قبيل المعتاد.

       لقد جاء هذا القانون في المسار المرتقب لحماية حقوق المرأة لتشمل جميع المجالات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية والمدنية، ولمنع التمييز ضدها واستغلالها والاعتداء عليها ماديا ومعنويا بوصفها امرأة. ويعتبر هذا القانون الذي ترقبته الجمعيات النسائية نقطة تحول ومكسب فعلي إذ يقوم هذا القانون على ثلاثة أسس منهجية جديدة في النظر إلى قضية العنف ضد المرأة تتمثل في تحمل مرتكب العنف مسؤولية أفعاله، توسيع مفهوم العنف، الإعتراف بمفهوم الضحية. كما تكمن أهمية هذا القانون في إخراجه للعنف من الحيز الخاص إلى الحيز العام وذلك بتجريم أعمال العنف أيٍّ كان مرتكبها. وهو قانون سيسهم على المدى المتوسط والبعيد في تغيير العقليات وتطوير النظرة للنساء والحد من العنف المسلط على النساء. كما أنه يسعى إلى تأصيل قيم الكرامة والحرمة المعنوية والجسدية ومبادئ الحقوق الإنسانية.

  • تقرير الحريات الفردية والمساواة والجدل حول المساواة في الميراث

    تم الإعلان عن تأسيس لجنة الحريات الفردية والمساواة يوم 13 أوت 2017 استنادا إلى أحكام الدستور وهي لجنة قد أعلن الرئيس عن تأسيسها واشتغلت في مستوى رئاسة الجمهورية. وقد اتجهت اللجنة إلى إعداد تقرير حول تصوّر لحماية الحريات الفردية وإقرار المساواة بين الجنسين. ويلخص الجدول أدناه أهم ما جاء في التقرير وأبرز الحقوق التي تناولها واقترح في شأنها مقترحات لقوانين جديدة. وقد ارتكز التقرير على قراءة مقاصديّة حديثة وعلى منهج حقوقي يكرّس المبادئ الكونية لثقافة حقوق الإنسان. وقد وضع التقرير خيارات تتراوح بين الأدنى والأقصى وهي خيارات عرضها للجدل العمومي لتكون محور نقاشات عمومية واسعة.

الحقوق/ الحريات

المقترحات القانونية الواجبة

في باب الحريات الفردية

الحق في الحياة

  • إما الإلغاء الكلي لعقوبة الإعدام أو الإبقاء عليها مع تحديد الحالات القصوى
  • تجريم الدعوى للانتحار والتحريض عليه

الحق في الكرامة وفي الحرمة الجسدية

التعذيب

  • مراجعة التعريف التشريعي )المرسوم 106 مؤرخ في 22 أكتوبر 2011) حتى يتلاءم مع التعريف الدولي:
  • توسيع الدافع: الاعتراف، المعاقبة، التخويف او غيره
  • توسيع ليشمل التعذيب المرتكب من غير الموظفين أو أشباههم
  • إقرار ضرورة موافقة الفرد المستنيرة على كل الممارسات الطبية والعلمية التي تستعمل الجسد
  • منع الفحص الشرجي لإثبات التوجهات الجنسية
  • إقرار حق الفرد في رفض أو قبول كل أنواع العلاجات

الحق في الأمان والحرية

تجريم هتك قرينة البراءة

  • الإيقاف والاحتفاظ : تحديد بداية تاريخ الاحتفاظ وتنظيم حق الطعن في قرار

الاحتفاظ

  • توصية بإعادة النظر في الإيقاف والاحتفاظ في القانون التأديبي العسكري والأمني
  • حالة الطوارئ : توصية مراجعة تنظيم حالة الطوارئ
  • تحقيق الأمان القانوني: مراجعة العديد من القوانين لتكريس مبدأ شرعية الجرائم

حرية الفكر والضمير والمعتقد

التمييز على أساس الديانة

  • إيجاد ضمانات تشريعية لفرض احترام هذا الحق بدون تمييز بين مختلف الديانات والمعتقدات
  • تنقيح كل الفصول التي تفرق بين التونسيين على أساس دياناتهم ومعتقداتهم وأهمها الفصول المتعلقة بالمعاملات في مجلة الالتزامات والعقود

تجريم الاعتداء على المقدسات

  • تجريم كل تحقير لديانة الغير في معتقداتها أو رموزها أو شعائرها أو مبانيها أو مواقعها بغاية التحريض على العنف أو الكراهية أو التمييز مهما كان شكله

تجريم التكفير

  • تجريم كل ادعاء على شخص أو مجموعة أشخاص أمرا يخص انتماءهم إلى دين معيّن أو عدم انتمائهم إليه أو معتقداتهم فيه أو امتثالهم لأحكامه أو عدم امتثالهم لشعائره أو عدم ممارستها وذلك بقصد الإساءة إليهم أو التحريض على عدم التسامح أو الكراهية أو العنف أو التمييز مهما كان سببه
  • توصية بإلغاء كل المناشير المخالفة لحرية الضمير

حرية الرأي والتعبير

  • إقرار كل النصوص التي وقع تبنيها لدعم حرية التعبير
  • إقرار ضرورة ادراج الدعوى للعنف والكراهية كحد لحرية التعبير وذلك لما في هذه الدعاوي من تهديد للحقوق الأخرى للأفراد وللسلم الاجتماعي

حماية الحياة الخاصة

  • اقتراح تعريف الحياة الخاصة من خلال مكوناتها
  • حماية الحياة الخاصة في الإجراءات العدلية
  • منع تدخل الجمعيات في شؤون الغير )الفصل 14من المرسوم(
  • اقتراح إلغاء كل النصوص التي تمس من الحياة الخاصة للأفراد وأهمها الفصل  230  من المجلة الجزائية  )مقترح اللجنة(
  • مقترح بديل :الإبقاء على التجريم مع خطية مالية ومع عدم إمكانية استعمال الفحص الشرجي للإثبات
  • تعويض مفهوم التجاهر بفحش  الفصل  226 بجريمة إتيان عمل جنسي او كشف المواطن الحميمة من الجسد أمام الغير
  • تعويض مفهوم الأخلاق الحميدة ) 226 مكرر ( بالسباب، التكفير وتحقير الديانات
  • تنقيح الفصل 231 بتحديد وتدقيق جريمة تعاطي البغاء
  • تنقيح الفصل 36 من قانون الحالة المدنية:  منع كل ادعاء زواج يكون خارجا عن الأشكال والصيغ القانونية
  • تنقيح قانون 2004 المتعلق بحماية المعطيات الشخصية حتى يتلاءم مع الالتزامات الدولية للجمهورية التونسية
  • تجريم الاعتداء على الحياة الخاصة وعلى سرية المراسلات والاتصالات

حرية التنقل والإقامة

  • حرية الدخول إلى تونس والخروج منها
  • حرية اختيار مكان الإقامة
  • حرية التنقل

حرية الفنون

  • منع وتجريم التعرض لحرية الفنون
  • حرية ممارسة المهن الفنية
  • حرية العروض الفنية وعدم التمييز فيها

الحرية الأكاديمية

  • تحجير التعرض لحرية العلوم والبحوث وتقييدها وإبطالها
  • اعتماد الأمانة والنزاهة والصرامة العلمية كمعيار وحيد لتقييم العلوم والبحوث

في باب المساواة والقضاء على التمييز

المساواة والقضاء على التمييز

التمييز بين المرأة والرجل

  • في مادة الجنسية
  • إلغاء التمييز في شروط إسناد الجنسية التونسية بموجب الولادة بتونس (الجدة أو الجد للأم إلى جانب الجد للأب المولودين بتونس(
  • إلغاء التمييز في شروط اكتساب الجنسية التونسية بموجب الزواج : التصريح بالنسبة للمرأة الأجنبية التي تتزوج أجنبياً والتجنس بالنسبة للرجل الأجنبي: مقترح اللجنة التصريح بالنسبة للاثنين
  • حالة الأجانب بالبلاد التونسية
  • إلغاء التمييز بين التونسي الذي يتزوج أجنبية والتونسية التي تتزوج أجنبياً من حيث شروط الحصول على الإقامة والتأشيرة
  • شروط الزواج
  • مقترح اول : إلغاء المهر
  • مقترح ثاني: عدم ربطه بالبناء لما في ذلك من اعتداء على كرامة المرأة والتخلي عنه كشرط من شروط صحة الزواج  )مقترح اللجنة(
  • الولاية
  • التخلي عن التمييز بين الأم والأب في الولاية في زواج القاصر وهي ولاية لا يتمتع بها إلا الزوج حاليا إذ يتحدث القانون الحالي عن ولاية الأب وموافقة الأم
  • تعويض مفهوم الولاية في الزواج بمفهوم الترخيص فيه
  • العدة
  • المقترح الأول : إلغاء العدة باعتبارها تقييدا غير دستوري لحرية زواج المرأة
  • المقترح الثاني )اختيار اللجنة في مشروع القانون (المحافظة على العدّة باستثناء عدة الفقدان وحالة الزواج بدون دخول
  • الواجبات الزوجية
  • مقترح التخلي عن الإحالة إلى العرف والعادة
  • مقترح التخلي عن مفهوم رئاسة العائلة  )يتعاونان على تسيير شؤون الأسرة(
  • مقترح تطوير مفهوم النفقة للزوجة والإبقاء عليه فقط في حالة احتياج المرأة، أي إذا لم يكن لها دخل يغنيها عن الحاجة إلى النفقة العلاقة مع الأبناء
  • إلغاء التمييز في تصريح ولادة الأطفال
  • إلغاء الإشارات القانونية إلىأان الحضانة شأن نسوي
  • إلغاء التمييز الديني المرتبط بالحاضنة
  • إقرار المصلحة الفضلى للمحضون كمعيار وحيد لإسناد الحضانة
  • العلاقة مع الأبناء
  • إرساء شراكة الأبوين في الولاية على الأبناء
  • إقرار واجب الأم التي لها دخل قار في النفقة على الأبناء
  • المساواة في واجب نفقة الأبناء تجاهأاصولهم من الأب والأم
  • اللقب العائلي
  • تمكين الوالدين من إضافة اسم الأم للطفل بالنسبة للأطفال
  • أو إلغاء التمييز في اللقب العائلي بمنح الطفلإامكانية إضافة لقب الأم عند بلوغه سن الرشد )مقترح اللجنة(
  • المواريث

ما يُقترح تحقيقه عاجلا : ضمان المساواة بين الجنسين في الصور الغالبة وهي حالات:

.1 الأبناء،

.2 الأبوين،

.3 الزوجين،

.4 الإخوة.

  • المواريث : المقترح الأول
  • ضمان المساواة قانونا بالنسبة للبنت، للأحفاد، للأم ، للقرين وللأخت.
  • المواريث : المقترح الثاني
  • اختيار اللجنة : ضمان المساواة قانونا بالنسبة للبنت والأخت والزوجة والأم )المبدأ(  مع تمكين المورّث من حق الاعتراض على المساواة.
  • المواريث : المقترح الثالث
  • ضمان المساواة قانونا باختيار من الوارثة  )البنت، الأخت، الأم، الزوجة(  أي الإبقاء على قاعدة للذكر مثل حظ الانثيين إلا اذا اختارت المرأة المساواة.
  • المواريث
  • توصية : ما يقترح الشروع فيه عاجلا وإتمامه في أقرب الآجال
  • إلغاء التمييز في المواريث إلغاءً تاما وذلك بحذف نظام العصبة الذي يمنح امتيازا للأقارب من الذكور على حساب الأقارب من الإناث، ثم وضع فلسفة جديدة قوامها ترتيب الورثة طبقات بحسب القرب من المتوفى

المساواة والقضاء على التمييز

التمييز بين المرأة والرجل

  • المساواة في المجال الضريبي
  • إلغاء رئاسة العائلة بالمفهوم الجبائي من خلال إلحاق دخل الطفل للضريبة مع دخل أحد والديه باختيارهما، وفي حالة غياب اتفاقهما توظف الضريبة على دخل الطفل بصفة مستقلة.
  • توزيع تخفيضات الضريبة بين الوالدين بالتساوي

المساواة والقضاء على التمييز

التمييز بين الأطفال

  • النسب : منع التمييز في إثبات النسب بحسب علاقة الوالدين
  • مقترح اللجنة : على القاضي عند البت في نسب الطفل اعتماد معيار المصلحة الفضلى للطفل
  • تنقيح قانون 1998 المتعلق باللقب العائلي : للطفل الذي تثبت بنوَّته جميع الحقوق التي للابن على أبيه
  1.       يعتبر ما جاء في تقرير الحريات الفردية والمساواة عملا جباراً يستوجب اقتراح مجموعة من القوانين لحماية الحريات الفردية والمساواة ومزيد تكريس. ويشار إلى أن هذا التقرير قد شهد جدلا واسعا داخل المجتمع وداخل مجتمعات عربية أخرى. فهو لبنة متفردة في زمن تراجع الفكر الإنساني وانتشار الفكر السلفي. ولعل أبرز القضايا التي قوبلت برفض كبير وترحيب أكبر بحسب الجماعات الفكرية في تونس هو مسألة الميراث. وقد اعتبر التقرير بأن المساواة في الميراث خطوة جبارة في مجال تحقيق المساواة الفعلية بين الجنسين. وتجدر الملاحظة بأن البرلمان التونسي قد تلقى مشروعا في هذا الصدد وبأن مناقشة هذا المشروع سيرافقها جدل داخل البرلمان وخارجه وحركات احتجاجية معارضة لنص القانون يوازيها حركات اجتماعية لتكريس القانون.خصوصية مدونة الأسرة المغربية
    1. مدوّنة أسرة في تطوّر

           عرفت المغرب حراكا اجتماعيا قادته جمعيات المجتمع المدني الناشطة في الحقل الحقوقي كما شهدت الساحة المغربية جدلا واسعا حول ضرورة إصدار قانون ينظم الحياة الأسرية. وقد أثمرت هذه النضالات المصادقة على مدونة الأسرة في المغرب سنة 2006، وهي إلى جانب أنها تعتبر نتاج نضالات الحركة النسائية في المغرب فهي كذلك نتاج إرادة سياسية تفاعلت مع المطلب الاجتماعي. وينص القانون المغربي على رفع سن الزواج للمرأة من خمسة عشر عاما إلى ثمانية عشر وهو بذلك يلتزم بما جاء في الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل، كما يحظر الطلاق الشفهي ويعمل على حماية الطفل بالنَسَب في حالة عدم توثيق عقد الزوجية لأسباب قاهرة.

         ويفرض القانون الجديد شروطا قاسية لتعدد الزوجات والتطليق وينص على ضرورة الحصول على موافقة مسبقة من المحكمة للتطليق. كما أصبح للمرأة حق أن تشترط عند الزواج تعهدا من زوجها بعدم الزواج من امرأة ثانية. كما يشتمل القانون على أن زواج الرجل من امرأة ثانية يبرر طلبها الطلاق بسببالضررالذي تعرضت له. ويقضي بأن يكون الطلاقبموافقة الطرفين“.  ويقدم القانون ضمانة جديدة للزوجات في حال الانفصال مع إمكانية إبرام عقد لتقاسم الممتلكات التي تم جمعها خلال سنوات الزواجكما ينصقانون الأسرةعلى حقوق جديدة لحماية الأطفال وخصوصا حق الحضانة للمرأة والاعتراف بالأبوة للأطفال الذين يولدون خارج إطار الزواج ودور أكبر للقضاء. وبشكل عام تنص المدونة على:

  • جعل النيابة العامة طرفا أصليا في جميع القضايا الرامية إلى تطبيق المدونة.
  • إحداث أقسام لقضاء الأسرة بالمحاكم.
  • الاعتراف بالزواج المدني المبرم من طرف أفراد الجالية المغربية لدى السلطات المحلية في بلدان الإقامة
  • حماية الطفل: الأخذ بعين الاعتبار الوضع الاجتماعي للطفل عند افتراق الأبوين سواء من حيث السكن أو مستوى العيش الذي كان عليه قبل الطلاق.
  • المساواة بين الزوجين: تحديد سن الزواج لكل من الزوجين في 18 سنة.
  • المساواة بين الزوجين: وضع الأسرة تحت رعاية ومسؤولية الزوجين.
  • المساواة بين الزوجين: رفع الوصاية والحجر على جميع النساء الراشدات.
  • المساواة بين الزوجين: وضع الطلاق تحت مراقبة القضاء.
  • المساواة بين الزوجين: استفادة الزوجة المطلقة من الأموال المكتسبة أثناء قيام الزوجية
  1. ذهنيات وعقليات اجتماعية متخلفة عن واقع تشريعي متطوّر

            تتحكم بنية ثقافية أبوية Une structure culturelle Patriarcale في المجتمع العربي. وهي بنية تحجب المرأة عن الفضاء العام وتمنعها من الخروج من البيت ومن الدراسة وتختار لها الزوج وتضغط عليها بمختلف الأساليب لتزويجها،بل إن المرأة لا تنتقل بحرية حتى في الوسط المديني، كما أنّها لا تستطيع الحصول على جواز سفر بدون إذن من الأب أو الزوجفي بعض البلدان العربية. وإذ تسيطر الأسرة العربية على الفرد فإنّها تتحكم بشكل أساسي في مصير المرأة، ذلك، أن التسلط الاجتماعي عليها يكرّس دونيتها،ولا يساهم في تقدّمها العلمي بل في تخلّفها الذي يزيد من تقليديتها“. إن هذه البنية الفكرية التقليدية لا تزال تقف حاجزا أمام تطور حياة النساء وأمام تكريس حقوقها. وتونس أو المغرب غير مستثناة فهي تنتمي إلى حضارة عربية تشترك فيها مع غيرها من البلدان.

          ونعتبر الخطوات الجبارة في مجال التشريع التونسي والمغربي هامة لكونها فتحت المجال واسعا أمام الاجتهاد وأمام القراءات المقاصدية المتفتحة ودمجت في صلبها مفاهيم الحقوق الإنسانية. ومما لا شك فيه فإن التشريعات المتقدمة تساهم بشكل ما في تغيير العقليات وتطويرها، وهذا بالرغم من الفجوة التي يمكن أن نلاحظها بين القوانين والذهنيات المجتمعية وتمظهراتها وتمثلاتها الاجتماعية. وهو ما يفسر ممارسات المقاومة أو الرفض لتشريع في تطور مستمر أو لفكر يحاول التجديد ويسعى للتنوير. ونعتقد بأن تطور الحركات الاجتماعية في تونس وخصوصية الجمعيات التونسية النسوية وتجذرها في الفكر الإنساني والحقوقي وتشبعها بالتراث وتأثرها بالفكر الإصلاحي قد كان له الأثر الكبير في التأثير على تطوير البنية الحقوقية والتشريعات. كما إن هذه الحركات الاجتماعية المتمحورة حول مؤسسات المدني التونسي والمغربي تعتبر صمام أمان وقائدة للتغيير والتجديد وساعية للتأثير في العقليات وتطويرها في اتجاه وعي نسوي وحقوقي يكرس المساواة التامة بين الجنسين.

o خاتمـــــــــــــــــــــــــــــــــــة

        يعد المشروع النسوي التونسي مشروعا متقدما عن الواقع الاجتماعي والثقافي للبلاد. فهو مشروع متجذر في الثقافة المساواتية والعلمانية. ولذلك، مثلت المناداة باللائكية أي بفصل الدين عن الدولة أحد المشاغل الرئيسية للمناضلات النسويات ولمناضلي اليسار التقدمي والحقوقيين. وقد أرسى دستور الجمهورية الثانية:

–  قواعد نظام مدني ديمقراطي اجتماعي عادل، في جمهوريّة حرّة مستقلّة  يكون الشّعب فيها صاحب السيادة ومصدر السّلطة .

–  مبدأ المساواة التامّة بين النّساء والرجال في القانون وأمام القانون وفي الواقع ، مع إقراره كأحد الثوابت التي لا يمكن التراجع عنها ،  كما عمل على مراجعة اللغة الذكوريّة التي غلبت على دستور 1959 وذلك باعتماد نصّ الدستور الجديد صيغا تتوجّه إلى المواطنات والمواطنين والنّساء والرّجال على حدّ السّواء. هذا وقد أصّل الدستور الجديد:

 

–  حقوق الإنسان والحريّات العامّة والفرديّة دون تمييز ونصّ على الحقوق الإنسانيّة للنّساء، ومن ضمنها الحقّ في التمتّععلى قدم المساواةبكافّة الحقوق بما فيها الصحّة والتعليم  والشغل والملكيّة  والموارد الطبيعيّة.

–  علويّة القانون الدوليّ لحقوق الإنسان على القوانين الوطنيّة، باعتبارها الحدّ المشترك في خضمّ شتّى الاختلافات والتنازعات .

–   المواطنة الكاملة وفق المبادئ الإنسانيّة الكونيّة التي تؤسّس لوحدة الحقوق، وتعترف بالحقوق السياسية والاجتماعية والاقتصاديّة والثقافية والبيئيّة، تأسيسا للعيش معا.

o المراجع

  • عبد الرزاق الحمامي بمساعدة زهية جويرو، المرأة في الحركة الإصلاحية، منشورات الكريديف.
  • عبد العزيز الثعالبي، روح التحرر في القرآن، دار المغرب العربي الإسلامي، بيروت، 1985.
  • قاسم أمين، تحرير المرأة، الدار العربية للكتاب، تونس، 1991.
  • الطاهر الحداد، إمرأتنا في الشريعة والمجتمع، الدار التونسية للنشر، الطبعة الخامسة، تونس، 1989.
  • نظيرة زين الدين، الفتاة والشيوخ، نظرات ومناظرات في السفور والحجاب وتحرير العقل وتحرير المرأة والتجدد الاجتماعي في العالم الإسلامي، (—-)، بيروت، 1929
  • فتحية السعيدي، الجمعيات والمنظمات غير الحكومية وثقافة المجتمع المدني في تونس، أطروحة دكتوراه، كلية العلوم الغنسانية والاجتماعية بتونس/ جامعة تونس، قسم علم الاجتماعي، فيفري 2002.
  • المجلات القانونية والتقارير
  • مجلة الأحوال الشخصية التونسية
  • المجلة الجزائية التونسية
  • القانون عدد 58 المؤرخ في أوت 2017 لمناهضة العنف المسلط على النساء
  • تقرير لجنة الحريات الفردية والمساواة
  • مدوّنة الأسرة المغربية
  • Gérard IGNASSE et Marc-Antoine GENISSEL, Introduction à la sociologie, éd, ellipses/édition marketing S.A, Paix, 1995
  • Touraine (A), La voix et le Regard, éd, seuil, Paris, 1978
  • Marzouki Ilhem, Le mouvement des femmes en Tunisie  au XXème siècle, éd, Cérès productions, Tunisie, 1993
  • AZZA Ghanmi, Le Mouvement féministe tunisien : Témoignage sur l’autonomie et la   pluralité du mouvement des femmes (1979-1989), Chama Editions, Tunis, 1993
  • Triki Souad, Au-delà de la rupture ; Féminisme et Politique, in La moitié Entière, CERES productions, Tunisie, 1992.