تحديات البطالة والفقر والتنمية: الوطن العربي مثالاً

د. جاسم حسين (اقتصادي خليجي، برلماني سابق)

مقدمة: تركز الورقة على بعض التحديات الجوهرية التي تواجه الدول العربية من قبيل البطالة والفقر.  كما يسعى البحث إلى إبراز حالة التباين الموجودة بين دول مجلس التعاون الخليجي وبقية الدول العربية.  ينطبق هذا بالضرورة على الأداء في المؤشرات الدولية مثل التنمية البشرية والثروة السيادية، حيث تحل دول مجلس التعاون الخليجي في المراتب المتقدمة. في المحصلة، تشكل المعضلة الاقتصادية تحدياً خطيراً نظراً لتداعياتها السياسية والاجتماعية والأمنية الأمر الذي يتطلب إيجاد حلول لها وخطأ تركها دون حل.  تكفي الإشارة إلى أن الربيع العربي انطلق

بسبب شرارة اقتصادية.

1) تحدي البطالة في البلدان العربية: تعاني المنطقة العربية من ظاهرة ارتفاع نسبة البطالة في بعض دولها، حيث تقف ما بين 13 بالمائة و 17 بالمائة حسب مصادر مختلفة.  فحسب قراءة لصندوق النقد الدولي بناء على أرقام منظمة العمل الدولية، يبلغ متوسط البطالة في الوطن العربي 13 بالمائة.  لكن ترتفع نسبة البطالة إلى أكثر من الضعف أي 29 بالمائة بين الشباب ما يعني بأنها واحدة من أعلى النسب في العالم (1).

لكن استنادا لمنظمة العمل العربي، يقف متوسط البطالة في الدول العربية عند حد 17 بالمائة.  كما تبلغ نسبة البطالة بين الشباب في العالم العربي نحو 30 بالمائة.  وقد تفاقمت المعضلة في السنوات القليلة الماضية على خلفية الأزمات التي عصفت ببعض الدول العربية في أعقاب الربيع العربي مثل المعارك في اليمن وسورية وليبيا. وعلى هذا الأساس، ارتفع عدد العاطلين العرب بواقع مليونين فرد منذ انطلاق الربيع العربي من تونس وصولا لقرابة 20 مليون فرد في الوقت الحاضر (2).

الأمر اللافت عبارة عن تمايز نسب البطالة في الوطن العربي ما بين الأقل والأعلى في العالم.  تبلغ نسبة البطالة في قطر قرابة 0.3 بالمائة أي واحدة من أقل النسب على مستوى العالم، حسب إحصاءات منظمة العمل العربي.  في المقابل، يلاحظ بأن موريتانيا تأتي في المرتبة الأولى عالميا من حيث نسبة انتشار نسبة البطالة فيها حيث تبلغ قرابة 31 بالمائة مع أن عدد سكانها أقل من 4 ملايين (3).

حقيقة القول، تعاني بعض الدول الأعضاء في العالم العربي بارتفاع البطالة عن المتوسط المشار إليه أعلاه. كما ترتفع نسب البطالة في المناطق البعيدة عن المدن الرئيسة بسبب تباين مستويات توافر فرص العمل، خصوصاً في الدول العربية الكبيرة مثل الجزائر والسودان. أيضا هناك ظاهرة البطالة المقنعة، حيث يعمل البعض في وظائف لا تتناسب ومؤهلاتهم وخبراتهم بالنظر لمحدودية البدائل مقابل الحاجة إلى تأمين لقمة العيش لأفراد أسرهم.

ما يثير القلق أن ظاهرة البطالة المرتفعة في الوقت الذي تشكل القوى العاملة قرابة 42 بالمائة من مجموع السكان.  تعد هذه النسبة متدنية لحد ما قياسا إلى ما عليه المعدل العالمي، حيث يشكل العمال أكثر من نصف السكان في عدد غير قليل من الدول المتقدمة مثل الولايات المتحدة. وتعود محدودية النسبة المشاركة في القوى العاملة في العالم العربي لأمور مثل انخفاض مستوى توظيف الإناث لأسباب تشمل التركيز على تربية الأسرة.

تنتشر البطالة في صفوف الإناث أكثر منه بين الذكور في الدول العربية.  مما لا شك فيه، تشكل ظاهرة ارتفاع البطالة في أوساط الإناث خسارة اقتصادية وطاقات معطلة من قبل فئة مهمة حصلت على حقها من العلم وقادرة على العطاء والمساهمة من أجل رقي المجتمع وتتميز بأدائها النوعي في التحصيل الدراسي.

يضاف إلى ذلك التحدي الديمغرافي، حيث يشكل الرعايا العرب دون سن 15 نحو ثلث السكان، ما يعني توقع دخول أعداد كبيرة منهم إلى سوق العمل في السنوات المقبلة بحثا عن وظائف تتناسب وتوقعاتهم.  يبلغ متوسط النمو السكاني في العالم العربي نحو 2.3 بالمائة في السنة، الأمر الذي يفسح المجال أمام ارتفاع عدد السكان الدول العربية مجتمعة من 350 مليونا في الوقت الحاضر إلى 500 مليون في عام 2025.

يشار إلى أن الفلسطينيين غير مشمولين في إحصاءات البطالة المشار إليها، ومؤكدا ترتفع نسبة البطالة بعض الشيء في العالم العربي بعد إضافة إحصاءات العاطلين في أوساط الفلسطينيين في ظل المعاناة الاقتصادية في الأراضي الفلسطينية بسبب سياسيات التضييق الإسرائيلية.  كما يلاحظ غياب الصومال عن غالبية المؤشرات بسبب الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد.

في المجموع، تعد ظاهرة البطالة أحد الأسباب الرئيسة وراء التطورات السياسية التي تشهدها دول عربية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بين الحين والآخر بدليل ظهور الربيع العربي، حيث تأتي المطالبة بتعزيز فرص العمل والتوزيع العادل للثروة، في إطار استحداث إصلاحات سياسية واقتصادية شاملة (4).

2) البطالة على مستوى مجلس التعاون وسبل مواجهتا: على مستوى المنظومة الخليجية، توجد ظاهرة البطالة في أوساط المواطنين وخصوصا لدى فئة الشباب لأسباب تشمل حالة التباين بين فرص العمل المتوافرة وتطلعات المواطنين.  في المتوسط، يرفض المواطن الخليجي العمل في قطاع الإنشاء وبالمقابل يرغب العمل في بعض القطاعات الواعدة مثل الخدمات المصرفية.

بصورة أدق، تعتبر البطالة تحديا في عمان والبحرين والسعودية.  فحسب تقرير يتعلق بالبطالة في الدول العربية ومصدره المنتدى الاقتصادي العالمي ومقره سويسرا، تتكون معدلات البطالة في عمان والبحرين والسعودية من رقمين وتحديدا 8.1 بالمائة و 7.4 بالمائة و 5.6 بالمائة على التوالي.  بل ترتفع مستويات البطالة بشكل خطير في أوساط الشباب وخصوصا في السعودية والبحرين (أنظر الجدول رقم 1).

الجدول رقم 1: البطالة المحلية في دول مجلس التعاون الخليجي %

  المتوسط العام البطالة بين الشباب
عمان 8.1 20.6
البحرين 7.4 27.5
السعودية 5.6 27.8
الإمارات 3.8 11.0
الكويت 1.5 9.2
قطر 0.6 1.7

المصدر: المنتدى الاقتصادي العالمي World Economic Forum، Rethinking Arab Employment، October 2014،

http://www3.weforum.org/docs/WEF_MENA14_RethinkingArabEmployment.pdf

لكن خلاف ما عليه الحال مع غالبية الدول العربية، يحسب للدول الثلاث تبني خطوات لمعالجة جانب من تداعيات أزمة البطالة.  ففي إطار معالجة مسألة الوظائف والبطالة في أوساط المواطنين، طرحت السلطات السعودية في عام 2014 ما يعرف بنظام التأمين ضد التعطل أو ساند.  يلزم مشروع ساند كل من المشترك وصاحب العمل بدفع 1 بالمائة من أجر العامل بواقع 2 بالمائة من الأجر الشهري للمشتركين دونما تحمل الحكومة أية التزامات مالية.

وبموجب مشروع ساند، يحصل العامل الفاقد لوظيفته لأسباب خارجة عن إرادته معونة تمثل 60 بالمائة من متوسط الأجر لآخر سنتين وذلك خلال الشهور الثلاثة الأولى بعد البدء.  لكن تنخفض النسبة إلى 50 بالمائة من الراتب ابتداء من الشهر الرابع لحين انتهاء المدة.  بمعنى آخر، يحصل المستفيد على مبلغ شهري وقدره 2400 دولار كحد أقصى خلال الشهور الثلاثة الأولى لاستلام المعونة ومن ثم 2000 دولار شهريا كحد أقصى بعد مضي هذه الفترة.  وفي كل الأحوال، لن يقل مبلغ التعويض عن 533 دولار شهريا ما يعني بأن مستوى التعويض أمر مقبول (5).

وفي خطوة سبقت طرح مشروع ساند بدأت السلطات السعودية منذ يوليو 2013 بتطبيق برنامج يعرف باسم نطاقات والذي يهدف إلى تنظيم وإصلاح سوق العمل من خلال الضغط على مؤسسات القطاع الخاص بتوفير المزيد من فرص العمل للمواطنين.  يلزم مشروع نطاقات ضمان توفير نسب للعمالة الوطنية في القطاعات المختلفة تتوزع ما بين 6 بالمائة في قطاع الإنشاءات و 30 بالمائة في مجال الخدمات المالية و 50 بالمائة في القطاع النفطي.  يتعلق الخيار بمنح أو الحد من إعطاء تأشيرات للعمالة الأجنبية بناء على مستوى توظيف المواطنين السعوديين (6).

وبالنسبة لعمان، تبين بأن إيجاد فرص عمل واعدة للمواطنين كان مطلبا جوهريا للمتظاهرين في بداية 2011 بغية تحقيق إصلاحات إدارية.  وقد اتخذ المتظاهرون من منطقة صحار الصناعية منطلقا للحراك بهدف التأكيد على وجود علاقة بين الحراك وجملة مسائل تشمل إيجاد فرص عمل مناسبة للمواطنين.  وقد أعلنت السلطات العمانية عن خطة لإيجاد 40 ألف فرصة عمل في الدوائر الرسمية وخصوصا في قطاع الأمن والدفاع.  كما شملت الخطوة منح كل عاطل باحث عن العمل منحة حكومية قدرها 390 دولار شهريا (7).

بدورها، كانت البحرين سباقة بين دول مجلس التعاون عبر تدشين مشروع التأمين ضد التعطل، حيث تم طرحه في منتصف 2007.  يتميز المشروع بمساهمة العاملين في القطاعين العام والخاص جانب من تكلفة التمويل.  تحديدا، يلزم مشروع التأمين ضد التعطل ثلاثة أطراف (العاملين وصاحب العمل والحكومة) المساهمة بالتساوي في التمويل لتغطية 3 بالمائة من مجموع رواتب الأفراد المؤمن عليهم (8).

لكن المشهور عند عامة الناس وجود صرامة عندما يتعلق بصرف المخصصات.  كما مر المشروع بتجربة مرة خلال أحداث فبرير 2011 عبر التشدد في منح مزايا للمفصولين لأسباب سياسية على خلفية مشاركتهم في الحراك الشعبي.

3) فرص العمل في مجلس التعاون: من حسن الحظ، لدى المنظومة الخليجية قدرة المساهمة في القضاء على ظاهرة البطالة في الدول العربية.  لكن لسوء الحظ، تذهب كثير من فرص العمل هذه للعمالة الوافدة من دول غير عربية وخصوصا جنوب وجنوب شرق آسيا.  وللتدليل على هذا الكلام، يعمل نحو 17 ملايين وافد على الأقل في دول مجلس التعاون الخليجي، ويرتفع عدد المقيمين من الأجانب إلى 23 مليون أو ما يزيد عن طريق إضافة أفراد الأسر.  يشكل الأجانب نصف مجموع السكان في الدول الست ما يعد أمرا مثيرا ميزا في هذا العصر الذي يتميز بالتشدد مع ما يعرف باللاجئين الاقتصاديين (9).

على سبيل المثال، تراوح حجم العمالة الهندية في دول مجلس التعاون ما بين 7 و 8 ملايين في بداية 2015 بينهم المقيمين بصورة غير شرعية.  بل تشكل العمالة الوافدة من الهند فقط قرابة ثلث السكان في كل من البحرين وقطر والإمارات العربية المتحدة ما يعد أمرا غير عاديا (10).

إضافة إلى ذلك، يعمل نصف الفلبينيين العاملين في الخارج في مجلس التعاون الخليجي وخصوصا السعودية والإمارات والكويت وقطر.  توفر السعودية وحدها فرص عمل لربع العمالة الفلبينية العاملة في الخارج.  الحديث هنا عن العمالة الفلبينية المغتربة والمسجلين لدى الدوائر الرسمية وليس الفلبينيين الذين اكتسبوا جنسيات أخرى (11).

توجد أسباب متنوعة وراء توظيف عمالة غير عربية بشكل أساسي في دول مجلس التعاون وخصوصا من آسيا من قبيل الإنتاجية والاهتمام بالزبائن واستعداد العمل لساعات مطولة واستعداد العمل في مختلف القطاعات.  بيد أنه يكن من أمر، تتميز السعودية بتوظيف أعداد ضخمة من العمالة العربية وخصوصا من مصر والسودان واليمن ولبنان والأردن، حيث يعمل جلهم في مجالات التدريس والتجارة.  ويمكن ربط الأمر بشكل جزئي بوجود حاجة لمن يتحدثون اللغة العربية للمساهمة في تسيير دفة الحياة في المملكة.

4) التنمية البشرية في العالم العربي: استمرارا لما عليه الحال في بعض المؤشرات الدولة الأخرى، يلاحظ تباين أداء الدول العربية على مؤشر التنمية البشرية لعام 2013 في إطار تقرير 2014.  يعتبر التقرير مهما نظرا لجهة الإصدار وتحديدا برنامج الأمم المتحدة الإنمائي.  يعد موضوع التقرير، أي التنمية البشرية، أمرا حيويا لأنه يمثل هدف سامي بالنسبة لأي دولة أو أمة.

أفضل نتيجة لصالح قطر في المرتبة 31 دولي والأسوأ من نصيب جيبوتي في المرتبة 170 دوليا من بين 185 بلدا مشمولا في التقرير (أنظر الجدول رقم 2).  أسوأ النتائج من نصيب بعض الدول الأفريقية.

يتميز تقرير التنمية البشرية باعتماده على ثلاثة معايير وهي العمر المتوقع عند الولادة ونسبة المتعلمين إضافة إلى نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي.  وهذا يعني بأنه لا يكفي بأن يكون أي بلد متقدما على معيار واحد مثل الدخل دون المعايير الأخرى لتحقيق نتائج متقدمة على مؤشر التنمية البشرية.

الجدور رقم 2: ترتيب الدول العربية في تقرير التنمية البشرية لعام 2014

قطر 31
السعودية 34
الإمارات 40
البحرين 44
الكويت 46
ليبيا 55
عمان 56
موريتانيا 63
لبنان 65
الأردن 77
تونس 90
الجزائر 93
فلسطين 107
مصر 110
سورية 118
العراق 120
المغرب 129
اليمن 154
جزر القمر 159
السودان 166
جيبوتي 170
   

المصدر: برنامج الأمم المتحدة الإنمائي

http://www.undp.org/content/dam/undp/library/corporate/HDR/2014HDR/HDR-2014-English.pdf

5) الفقر في الوطن العربي: الفقر منتشر في بعض الدول العربية في الوقت الذي تتمتع فيه بعض دول مجلس التعاون مثل قطر بدور الريادة بالنسبة لمستوى الدخل.  صحيح الدول الأفريقية مثل النيجر وبوراندي والكونغو هي أكثر الدول فقرا لكن العديد من المؤشرات الدولية تصنف موريتانيا والسودان واليمن والمغرب ومصر من بين الدول الفقيرة في العالم بطريقة أو أخرى.

فحسب الصندوق الدولي للتنمية الزراعية (إيفاد) يؤثر الفقر في اليمن على نحو 42 بالمائة من سكان البلاد.  كما تزيد نسبة الفقر في مصر عن 25 بالمائة.  أيضا، تبلغ نسبة الفقر في العراق نحو 19 بالمائة في حين تفوق في الأردن عن 14 بالمائة.

 من جملة التداعيات، يخلق الفقر تجمعات سكانية عشوائية وهو ما يتبدى بشكل واضح في بلدان مثل مصر ولبنان.  أما على مستوى التعليم، تبرز ظاهرة عمالة الأطفال وخروجهم من المدارس في سن مبكرة، إذ يقل معدل الالتحاق بالتعليم في مراحله المختلفة في بلد كالمغرب عن 48 بالمائة (12).

من بين 350 مليون نسمة، يعتقد بأن 65 مليون عربي يعيشون في حال فقر أي قرابة 19 بالمائة من مجموع السكان العرب وربما تكون النسبة الفعلية أعلى من ذلك لولا بعض القيم العربية الأصيلة.

6) الثروة السيادية العربية: تمتلك الدول العربية وفي مقدمتها بعض دول مجلس التعاون الخليجي ثروات سيادية ضخمها توفر مجالا رحبا لتمويل التنمية في بقية الدول العربية حيثما كان ممكنا.  فحسب معهد الثروة السيادية والذي يعد مرجعا، بلغت قيمة صناديق الثروة السيادية لدول العربية بصورة مجتمعة في شهر سبتمبر 2015 نحو 2.9 تريليون دولار (تحديدا 2،887 مليار دولار) أي نحو 40 بالمائة من حجم الثروة السيادية على مستوى العالم ما يعني توافر احتياطي مالي ضخم.  لا غرابة، السواد الأعظم من هذه الثروات لدول مجلس التعاون الخليجي وفي مقدمتها الإمارات بجمعها ثروة سيادية قدرها 1215 مليار دولار.  يعتبر هذا الرقم نوعيا بشكل استثنائي، إذ يشكل قرابة 16.7 بالمائة من مجموع صناديق الثروة السيادية على مستوى العالم (أنظر الجدول رقم 3).

لا تلتزم غالبية الدول العربية الشفافية في نشر عمليات الشراء والبيع، باستثناء قطر لحد ما من قبيل نشر الاستحواذ على متاجر هارودذ في لندن.

وتبين من التجربة استعداد بعض دول مجلس التعاون بضخ أموال في بعض الاقتصاديات لأسباب سياسة واقتصادية مثل مصر عبر الحديث عن إنشاء مشاريع ضخمة تشمل بناء منطقة إدارية جديدة بعد وصول عبدالفتاح السيسي لكرسي الرئاسة.

كما أقدمت أربع دول أعضاء في مجلس التعاون في عام 2011 تقديم منحة مالية قدرها 10 مليار دولار لكل من البحرين وعمان لتمويل مشاريع البنية التحتية في البلدين الخليجين.  كما يسجل لإمارة أبوظبي تقديمها العون لدبي في عام 2009 على خلفية بروز أزمة مديونية دبي ما سمح لها بتسديد المديونيات المتأخرة وبالتالي تحاشي كارثة اقتصادية محتملة.   أيضا، وظفت الكويت جانب من ثروتها السيادية لتمول حرب التحرير في أعقاب الغزو العراقي للبلاد سنة 1990 فضلا عن توفير سبل العيش الكريم خلال الأزمة.

لكن يتم توظيف جانب من الثروات السيادية في قطاعات واعدة في الوطن العربي مثل قطاع السياحة في المغرب ما يؤكد إمكانية ضخ أموال في الاقتصاديات العربية في حال توافر الظروف المناسبة.

الجدول رقم 3: قيم صناديق الثروة السيادية للدول العربية، سبتمبر 2015 (مليار دولار)

الإمارات 1215
السعودية 677
الكويت 592
قطر 256
ليبيا 66
الجزائر 50
عمان 19
البحرين 11
العراق 1
مجموع الثروة السيادية للدول العربية 2،887
مجموع قيم الصناديق السيادية على مستوى العالم 7،254

المصدر: معهد الصناديق السيادية

http://www.swfinstitute.org/sovereign-wealth-fund-rankings/

7) الثروات النفطية للدول العربية: حسب تعود الأرقام لعام 2014 ومصدرها تقرير إحصاءات الطاقة لشهر يونيه 2015 ومصدره شركة بريتيش بتروليوم.  تتحكم الدول العربية فيما بينها بأكثر من 42 بالمائة من إجمالي احتياطيات النفط المعروفة في العالم وهي نسبة كبيرة.  تعتبر السعودية ثاني أهم مصدر للاحتياطيات النفطية بعد فنزويلا عبر استحواذها قرابة 16 بالمائة من الاحتياطيات النفطية العالمية المؤكدة (أنظر الجدول رقم 4).  بدورها، تسيطر فنزويلا على 18 بالمائة من المجموع.  لكن تتقدم السعودية على صعيد الإنتاج النفطي عبر إنتاج 11.5 مليون برميل في اليوم مقارنه مع 2.6 مليون برميل في اليوم بالنسبة لفنزويلا.

تجمع دول مجلس التعاون الخليجي فيما بينها نحو 500 مليار برميل من احتياطي النفط الخام، وبالتالي 41 بالمائة من إجمالي احتياطيات منظمة اوبك.  تسيطر أوبك والتي تضم عمالقة النفط من أمثال فنزويلا والسعودية وإيران قرابة 72 بالمائة من إجمالي الاحتياطيات العالمية.  تعتبر هذه الإحصائية مصدر قوة لمنظمة أوبك ما يعني استحواذها على نصيب الأسد من الاحتياطيات النفطية.

تعتبر بعض دول مجلس التعاون الخليجي مثل السعودية والإمارات والكويت من بين كبار منتجي النفط في العالم والحال كذلك بالنسبة لقطر بالنسبة للغاز.  وقد ساهمت دول مجلس التعاون الخليجي 24 بالمائة أو ما يقرب من ربع إجمالي الإنتاجي النفطي العالمي.  أي مستوى استراتيجي.  وحدها تساهم السعودية بنحو 13 بالمائة من الإنتاج النفطي العالمي.  بل يعتقد بأن لدى دول مجلس التعاون قدرة لتعزيز إنتاجها النفطي متى تطلب الأمر مستفيدة بذلك من إمكانياتها المالية.

فضلا عن النفط، تمارس المنظومة الخليجية دورا محوريا في جانب آخر من القطاع النفطي وتحديدا الغاز.  تملتك قطر ما يقارب من 25 تريليون متر مكعب من احتياطيات الغاز المؤكدة، أي ثالث أكبر احتياطي في العالم.  يشار إلى أن أصحاب المراكز الثلاثة الأولى من احتياطيات الغاز هي إيران وروسيا وقطر، والتي تستحوذ على نحو 18.2 بالمائة، 17.4بالمائة و 13.1 بالمائة على التوالي.  إضافة إلى ذلك، تبرز قطر كأكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال عبر استحواذها على ثلث إجمالي الصادرات في العالم.  تشكل تجارة الغاز الطبيعي المسال قرابة 31 بالمائة من التجارة العالمية في الغاز.

من جهة أخرى، يراجع تواضع الأرقام النفطية التي تخص بعض الدول العربية الأخرى بما في ذلك ليبيا، حيث تدهور الإنتاج الليبي في أعقاب الإطاحة بنظام العقيد معمر القذافي.

لحسن الحظ، يتوقع أن تحتفظ دول مجلس التعاون الخليجي على وجه التحديد بكميات كبيرة من الاحتياطي النفيط لعدة عقود قادمة وربما أكثر من قرن من الزمان بنا ء على مستويات الإنتاج الحالية.  وربما تتعزز فترة بقاء الاحتياطي النفطي لفترات أطول بكثير في حال حصول اكتشافات جديدة للنفط وتباطؤ الإنتاج الفعلي.

في المقابل، يعد الحديث عن النفط الصخري كبديل أو منافس أمر غير واقعي مع الأخذ بعين الاعتبار الكلفة المرتفعة نسبيا لإنتاج برميل من النفط الصخري قياسا بالإنتاج التقليدي.  يتطلب الأمر أسعار مرتفعة للنفط لضمان إنتاج كميات تجارية من النفط الصخري الأمر الذي لا يخدم مصالح بعض الأطراف وخصوصا الدول المستوردة.

الجدول رقم 4: حصة الدول العربية من الاحتياطي العالمي للنفط والغاز، إحصاءات 2014

  % من النفط الخام المكتشف % من الإنتاج النفطي العالمي % من الغاز الطبيعي المكتشف % من الإنتاج العالمي للغاز
السعودية 15.7 12.9 4.4 3.7
العراق 8.8 3.8 1.9
الكويت 6.0 3.6 1.0 0.5
الإمارات 5.8 4.0 3.3 1.7
قطر 1.5 2.0 13.1 5.1
ليبيا 2.8 0.6 0.8 0.4
الجزائر 0.7 1.6 2.4 2.4
عمان 0.3 1.1 0.4 0.8
مصر 0.2 0.8 1.0 1.4
اليمن 0.2 0.8 0.1 0.3
سورية 0.1 0.2 0.1
السودان 0.1 0.1
تونس 0.1 0.1
البحرين 0.1 0.5
المجموع من النصيب العالمي 42.3 31.4 28.7 16.9

المصدر: شركة بريتيش بتروليوم تقرير إحصاءات الطاقة، يونيه 2015،

BP Statistical Review of world Energy June 2015،

https://www.bp.com/content/dam/bp/pdf/energy-economics/statistical-review-2015/bp-statistical-review-of-world-energy-2015-full-report.pdf

النظرة للأمام: اللافت بأن معضلة البطالة أو العمل في القطاع غير المنظم في إشارة إلى استشهاد محمد البوعزيزي وهي الشرارة التي أطلقت الربيع العربي انطلاقا من تونس جاءت بسبب منعه من ممارسة تجارية في القطاع غير المنظم.

بل مهدت التحديات الاقتصادية الصعبة مثل البطالة والدخل أو فقدان العدالة في بروز الربيع العربي وهو الظهور الذي عبر نفسه بالطرق السياسية عبر النزول للشارع لتحقيق مطالب سياسية واقتصادية واجتماعية.  وهذا إد دل على شيء فإنما يدل على خطورة ترك مسائل البطالة والفقر دون حل مستدام لما لذلك من تداعيات خطيرة.

كما أنه من الأهمية بمكان السعي لسد الفجوة البينية بين الدول العربية من خلال إمكانيات بعض دول مجلس التعاون الخليجي.  لكن يتطلب الأمر من الدول الراغبة في الاستفادة من استثمارات المنظومة الخليجية السعي إلى تطوير تشريعاتها وجعلها مواكبة لمتطلبات العصر في ظل منافسة نحو 200 دولة تسعى لاستقطاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة بغية المساهمة في حل الإشكالات الاقتصادية.

في المقابل، من شأن استمرار بقاء أسعار النفط منخفضة منذ النصف الثاني من عام 2014 الحد من قدرة المنظومة الخليجية في تقديم العون للدول العربية الأخرى، حيث تشير مختلف التوقعات إلى إمكانية تسجيل عجوزات مالية ضخمة في الموازنات العامة لغالبية دول مجلس التعاون في عام 2015 وربما أبعد من ذلك.

الهوامش

1)

Middle East Eye،” IMF chief: ’Jarring’ unemployment in Arab countries threatens development،” 8 May 2014، http://www.middleeasteye.net/news/imf-chief-jarring-unemployment-arab-countries-threatens-development-1275787857

2)

Middle East Online، “Crisis of unemployment: Over 30% of Arab youth jobless،” 19 April 2015، http://www.middle-east-online.com/english/?id=71001

3)

Thapasya Chandran، “Top 10 countries with the highest unemployment rates،” Gulf Business، 10 May 2015، http://gulfbusiness.com/2015/05/top-10-countries-highest-unemployment-rates/#.VjSEzPmqqko

4)

جاسم حسين، تحدي البطالة في العالم العربي، 19 مارس 2011،

http://www.aleqt.com/2011/03/19/article_516350.html

5)

أربين بيزنس، ما هو نظام التأمين ضد التعطل عن العمل في السعودية، 6 يناير 2014،

http://arabic.arabianbusiness.com/politics-economics/2014/jan/6/350572/#.VY60UPmqqkp

6)

نجيب عبداللطيف العيسى، نطاقات.. برنامج مهم لدفع مشروع توطين الوظائف، صحيفة الاقتصادية، 15 يونيو 2011،

 http://www.aleqt.com/2011/06/15/article_549232.html

7)

Andy Sambidge، IMF urges Oman to act to arrest jobless rise، arabian business.com، 31 December 2011،

http://www.arabianbusiness.com/imf-urges-oman-act-arrest-jobless-rise-437673.html

 

 

8)

وكالة أنباء البحرين، قانون التأمين ضد التعطل في مملكة البحرين يدخل حيز التنفيذ قريبا، 27 مايو 2007،

http://www.bna.bh/portal/news/101809

9)

Samir Salama، 14 May 2013، 15 million expats in GCC countries send home $80b in remittance every year،”

http://gulfnews.com/news/uae/government/15m-expats-in-gcc-countries-send-home-80b-in-remittance-every-year-1.1183326

10)

معهد الأمن والدفاع في الهند نقلا عن مصادر رسمية

Institute for Defence Studies and Analysis (IDSA)، Developments in the Gulf Region، editor Rumel Dahiya، published by Pentagon Press، 2014، pages 117 and 119.

11)

مكتب الإحصاءات في الفلبين،

Source: National Statistics Office، Philippine Statistics Authority،

http://web0.psa.gov.ph/content/2014-survey-overseas-filipinos%C2%B9

12)

سكاي نيوز عربية، “العالم العربي يواجه الفقر في يومه العالمي” 17 أكتوبر 2014

http://www.skynewsarabia.com/web/article/695394