المنتدى الفكري لعبدالرحمن النعيمي، بيروت

13/14 ديسمبر 2013م

عبدالنبي العكري 

في كلمته الافتتاحية لمنتدى المناضل عبدالرحمن النعيمي (سعيد سيف) (أبو أمل) أوضح رضي الموسوي القائم بأعمال الأمين العام لجمعية العمل الوطني الديمقراطي (وعد) أن عقد المنتدى الفكري أبو أمل في بيروت خلال 13-14 ديسمبر 2013، هو أن بيروت فتحت ذراعيها لأصدقاء أبو أمل بعد أن رفضت السلطات البحرينية منح تأشيرات دخول للمدعوين العرب للندوة المخطط عقدها في البحرين. وأوضح رضي أهداف الندوة بعرض الجانبين الفكري والنضالي لحياة أبو أمل، وكذلك الجدال حول القضايا التي تصدى لها جيل أبو أمل من المناضلين، كما ألقى فواز طرابلسي، المناضل والأكاديمي اللبناني المعروف كلمة نوه فيها بدور أبو أمل الفكري والنضالي على مختلف المستويات الوطنية والخليجية والعربية والدولية، كما ألقى سعد الله مزرعاني عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي اللبناني سابقاً، كلمة عرض فيها تجربته النضالية مع أبو أمل على الساحتين السورية واللبنانية والعربية عموماً.

بعدها عقدت الجلسة الأولى التي ترأسها الباحث الأكاديمي علي الديري وتناولت الجانب الفكري لأبو أمل. الورقة الأولى والتي أثارت جدلاً خلاقاً قدمها فواز طرابلسي وتناول فيها التحولات الفكرية لأبو أمل في مناخ التحولات الفكرية في الوسطين القومي واليساري وأهمها مراجعة الأحزاب الشيوعية العربية للمواقف تجاه القضية القومية ومنها قضية الوحدة وفلسطين والكفاح المسلح وترتب عليها تحولات في مواقفها ترافقت مع تشققات وانقسامات وترتب عليه تقاربها مع الاتجاهات القومية التي كانت بدورها تشهد تحولات نحو اليسار ومن تجلياتها التحولات في اليمن الديمقراطية وتبلور التيار اليساري في حركة القوميين العرب والذي كان عبدالرحمن النعيمي أحد روادها وبالطبع التحولات في حزب البعث العربي الاشتراكي والعديد من الأحزاب الوطنية في المشرق والجنوب كما تناول طرابلسي، الآثار العميقة لهزيمة يونيو 1967 وتحميل عبدالناصر مسؤوليتها دون البعث الحاكم في سوريا حينها والذي يتحمل المسؤولية كذلك، وما ترتب عليها من حسم الخيار اليساري لعبدالرحمن وأبناء جيله. وهنا انتقد طرابلسي الاصرار على الكفاح المسلح كشكل وحيد للمناضل الذي تبنته قوى اليسار الجديد ومنها الحركة الثورية في عمان والخليج العربي المحرك للتنظيم الجبهوي في الخليج، كما انتقد فواز اليسار الخليجي لنظرية البؤرة التي بشر بها جيفارا كما تجلت في تفجير الكفاح المسلح في عمان الشمال في 1970 في غياب احتضان شعبي حقيقي بل في ظل سلبية مهلكة في 1974م، وذهب ضحية ذلك خيرة المناضلين العلمانيين وعلى رأسهم الشهيد زاهر علي المياحي. ونوه طرابلسي إلى أن مبررات الكفاح المسلح في ظل الاستعمار البريطاني للخليج وغيرها في ظل الاستقلال وإن كان شكلياً، ومنه التغيير في عمان بمجيء السلطان قابوس، حيث تفكك التحالف بين التجار والنخبة الثورية ونوه إلى خطأ اعتبار الجبهة التغيير في مسقط بأنه استمرار للنظام السابق وترتب عليه ثمن باهظ، كما طرح طرابلسي سؤالاً هل كان يتوجب الدخول في مساومة ما بين قيادة الجبهة والتي حررت وسيطرت على ظفار، مع السلطة الجديدة في مسقط، والانطلاق في ذلك لتعزيز التحولات  أو الاصرار على استمرار حرب التحرير الشعبية خصوصاً أنها شملت منطقة شاسعة وهي الخليج العربي تضم أنظمة متباينة، مما ألب هذه الأنظمة على الجبهة سواء في ظفار أو تنظيماتها السرية في باقي المناطق؟

وهنا نوه طرابلسي إلى تقديره لكل التضحيات ولكن ضرورة المراجعة كجزء من ضرورة معرفة العدو وقدراته الفعلية وخططه السرية دون مواربه وطرح مقولة ان العدو يعرف عنا أكثر بكثير مما نعرف عن العدو. كما تناول طرابلسي قضية أخرى وهي الهيمنة الإمبريالية الاقتصادية والثقافية وخطأ ربط الهوية المقاومة بالهوية الدينية وخيار صدام الحضارات، فالاستغلال الرأسمالية في بلدان الغرب كما في البلدان التابعة ومن هنا ضرورة اصطفاف كل من له مصلحة في مقاومة الرأسمالية المتوحشة والمخادعة سواء في بلدان الرأسمالية أو توابعها.

طرابلسي برر اطروحاته الجدلية كون أبو أمل نقدياً وجدلياً ومتطلباً. وأبدى إعجابه بكشف أبو أمل عن ذمته المالية حين ترشح للانتخابات وهو بذلك يتحدى باقي المناضلين للإفصاح عن ذمتهم المالية وما كسبوه مادياً من النضال.

وقد جرى بعد ذلك حوار ساخن تدخل فيه عدد من المشاركين. طرح عبدالنبي العكري أن المراجعة الفكرية لقيادة الحركة الثورية وكوادرها الخليجية قد تمت في مؤتمر الاستقلالات التنظيمية للجبهة الشعبية لتحرير عمان والخليج العربي، وحيث تقرر استقلال التنظيم في كل إقليم، وترتب على ذلك قيام الجبهة الشعبية لتحرير عمان مع استمرار تبنيها للكفاح المسلح، والجبهة الشعبية في البحرين والتي تخلت عن الكفاح المسلح، والتي اعتبرت الماركسية أحد مصادر فكرها، ورفعت شعارات وطنية وديمقراطية. أما المرجعية الفكرية فقد بدأت في 1990 إثر احتلال صدام للكويت، وما ترتب عليه، من حيث التأكيد على المحتوى الديمقراطي والوطني، من قبل الجبهة الشعبية في البحرين ومختلف فصائل المعارضة اليسارية في الخليج. وقد تطور ذلك إلى تقويم الأيدلوجية في التسعينيات وحسم أبو أمل الأمر بعد تدشين المرحلة الجديدة في البحرين عام 2001م في ظروف سمحت بالعمل الحزبي المعلن والعمل السياسي المشروع، حيث قال مقولته المشهورة “لنحرق سفننا القديمة” ولنعمل لإقامة التجمع الوطني الديمقراطي المفتوح لكل المواطنين من إسلاميين ويساريين، وهو ما تجسد فعلاً في جمعية العمل الوطني الديمقراطي.

وقد رد طرابلسي بالقول إن المراجعة التي تمت في 1974م كانت متأخرة وكان يتوجب أن تكون في 1970م اثر وصول قابوس للحكم وكذلك استقلالات مشخيات الخليج في 1971م .

أما زاهر الخطيب فأكد أن جوهر الفكر الثوري هو في ثوريته سواء أكان ماركسياً أو قومياً أو إسلامياً وضرورة تحالف هذه الاتجاهات وألقي ضوء على تجربته في رئاسة لجنة مناصرة ثورة ظفار، وذهابه إلى اليمن الديمقراطية لفهم تجربتها ومناصرتها وعندما اختارت قوى الثورة التنوع في الخيارات الكفاح المسلح في عمان والعمل السياسي في الخليج فقد استمرينا في دعم هذا الخيار، لكن الثورة انحسرت بسرعة كما تنحسر العاصفة.
وليد ثائر نوه إلى قلق أبو أمل الدائم وهو قلق خلاق في محاولة دائمة لفهم التغيرات السريعة في الخليج والتأقلم معها. كما أرجع فشل الثورة ليس بسبب الأخطاء النظرية والعملية فقط بل إلى الغزو الخارجي. فلولا 11 ألف من القوات الإيرانية إلى جانب القوات البريطانية والأردنية الخاصة، لما انهزمت الثورة. وعرض بتجربته في مدارسة الثورة متطوعاً إلى جانب عدد من المدرسين المناضلين العرب. كما نوه إلى الزيارة المشتركة لأبو أمل مع الشيخ علي سلمان أمين عام جمعية الوفاق الوطني الإسلامية عاملاً بذلك تحالف متيناً ما بين اليساريين والإسلاميين في البحرين. وهنا رد طرابلسي بالقول إن جذور الثورة الحالية في البحرين زرع بذورها نضال عمالي طويلي حيث كان لليسار الفضل في ذلك ولعبدالرحمن إسهام مهم في ذلك فطرح مقولة أن الثورات المهزومة تنتج ثورات ناجحة لاحقاً.

الورقة الثانية كانت للباحث الحقوقي عبد الحسين شعبان والتي قرأها نيابة عنه إبراهيم الدرازي وعنوانها “عبدالرحمن النعيمي اليساري الأكثر اعتدالاً. عرض شعبان في ورقته استخلاصات ثلاثة عقود من معايشته لعبدالرحمن النعيمي في المنافي العديدة وعلى أرض الوطن. وعرض لحواراته مع أبو أمل سواء منفرداً أو في حوارات مع قيادات عربية فلسطينية ويمنية وعراقية وسورية وغيرها. والتي تعود بدايتها إلى عام 1974 في عدن حيث تعرف عليه لأول مرة في ندوة عن ديمقراطية التعليم والإصلاح الجامعي، حيث كان عبدالرحمن خارجاً من تجربة الكفاح المسلح الموؤد في ظفار، ثم استأنف الحوار بعد استقرار شعبان في دمشق في 1980 ونوه شعبان بعمق وجدلية الحوار مع أبو أمل الذي يجمع ما بين الفكر والعمل ويتحقق من صحة أو بطلان الاطروحات الفكرية من خلال الممارسة العملية، كما نوه شعبان إلى التحولات الفكرية لدى أبو أمل من حيث تضمين الفكر القومي المحتوى الاجتماعي اليساري والدور الإنساني بعيداً عن الشوفينية، فيما أطلق عليه تعبير العروبة الجديدة.

كما عرف لتوازن أبو أمل الفكري تجاه التحولات العامة، وفي تمسكه بثوابت الحق وفي مقدمته الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، والوحدة العربية بمحتوى ديمقراطي.

أما الجانب الآخر الذي عالجه شعبان فهو سعيه الدؤوب للنقد والنقد الذاتي للنفس قبل الآخرين بما في ذلك نقد الفكر القومي واليساري. ووصف شعبان عبدالرحمن أنه انتقل من الموقع القومي إلى موقع اليسار العقلاني مع التمسك بالمواقف المبدأية وفي مقدمتها قضية فلسطين التي ظل يعتبرها القضية المركزية للعرب.

وتجلى موقفه المبدئي العقلاني من موقفه تجاه الحرب العراقية الإيرانية 1980 – 1981 حيث بادر لرفع شعار وقف الحرب فوراً والحل من خلال المفاوضات واعتبرها حرباً لا تخدم سوى الإمبريالية والصهيونية ولذا عارض الحرب التي شنها التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة وبانضواء أطراف عربية بما فيها سوريا التي لجأ إليها. ولذا دفع ثمناً لذلك باعتقاله وسجنه لعدة أشهر. وعندما وضع العراق تحت الاحتلال فإنه لم يتردد عن إدانة الاحتلال الأمر الذي دفع البعض للافتراء عليه وتشويه موقفه العروبي الحقيقي لكنه لم يأبه لذلك. ويرى شعبان إن الوسيلة الشريفة لدى أبو أمل لا تنفصل عن الغاية الشريفة والوسيلة راهنه والهدف مستقبلي. كان معيار أبو أمل في السياسة أخلاقياً ولعل الانتصار الحقيقي هو تحقيق الغايات النبيلة والشريفة. ولكن بوسائل شريفة شرطاً. وبقدر ما كان عبدالرحمن علمانياً فقد كان عميق الاحترام للمتدينين والذين بادلوه الاحترام حيث لعب دوراً في تقارب القوى العلمانية والدينية ليس في البحرين فقط حيث أضحى التحالف راسخاً بل في دعواته في المنابر القومية مثل المؤتمر القومي والمؤتمر القومي الإسلامي، وملتقى الحوار الوطني ومؤتمر الشعب العربي، ومؤتمر الأحزاب العربية، وغيرها من اللقاءات والتجمعات القومية. وختم شعبان ورقته بالقول “الأهم من كل ذلك أنه كان إنساناً يتدفق محبة وإخلاصاً في علاقاته الشخصية والعامة، فحظى احترام لا حدود له في الاتفاق والاختلاف”.

عقب الدكتور كامل مهنا، وهو طبيب لبناني تطوع في صفوف الثورة العُمانية لستة أشهر على ورقة عبد الحسين شعبان فذكر الفصل من حياته حيث أسهم كلاً من عبدالرحمن النعيمي (سعيد سيف) وعبدالنبي العكري (حسين موسى) في تسهيل التحاقه كطبيب إلى جانب الطبيب السوري مروان صفوف الثورة العُمانية حيث أكد رؤيته في أن خيار ممارسة مهنته كطبيب راديكالي في خدمة الفقراء سواء في ظفار أو جنوب لبنان.

وعرض د. مهنا والذي كتب كتاباً حول سيرة حياته بعنوان “خيارات المرحلة الصعبة” لعدد من أمراض الحياة العربية وخصوصاً لدى قوى التغيير وأهمها غياب الاستراتيجية وثقافة الانقسام والنقد الهدام وطرح كل شيء أو لا شيء، وذكر أنه يحاول أن يجسد في حياته المهنية البديل بالميمات الثلاثة مبدأ وموقف وممارسة. وترجمة الإيمان بالعمل في أوساط الفقراء وجسد ذلك بمؤسسة عامل التي تقدم خدمات تعليمية وصحية لمئات الآلاف من اللبنانيين واللاجئين السوريين وحيى المتطوعين الغربيين الذين هم نقيض حكوماتهم ودوافعهم الإنسانية. وفي هذا الصدد أكد أنه استلهم من عبدالرحمن النعيمي التواضع والعمل مع الناس والزهد في المكاسب مطلقاً صحة لتظافر إرادة الشعوب في وجه الحكام الظلمة.

3- د. يوسف مكي المناضل النعيمي والوحدة الخليجية:

أوضح د. يوسف مكي في البداية أنه من المفترض أن يكون معقباً ولكن بسبب اعتذار المكلف بذلك فقد كتب ورقة مختصرة بعجالة. عرض د. مكي ظروف تعرفه على النعيمي بقوله أنه تعرف عليه من خلال كتاباته في المنفى، لكنه لم يتعرف عليه شخصياً إلا بعد رجوعه إلى البحرين في 2001 حيث كنت أقوم بزيارات متكررة إلى البحرين حيث تحولت معرفتنا إلى صداقه قوية حيث يمتزج الخاص بالعام. لم يكن التحاق النعيمي بحركة القوميين العرب ترفاً فكرياً بل احترافاً نضالياً، نقله بسرعة إلى مسؤوليات متقدمة في الحركة وبالتحديد في الجامعة الأميركية في بيروت وقد دفعته معاناته المبكرة للتماهي مع التحول اليساري في الحركة والذي ترك بصمات على الكفاح الفلسطيني والخليجي والعُماني. وعرض مكي لإسهامات النعيمي النضالية والفكرية خليجياً حيث أسهم بالدفع لتشكيل كنفدرالية طلبة الخليج والجزيرة العربية في الولايات المتحدة

اختار النعيمي الطريق الصعب في مواجهة أنظمة النفط التي تسلمت مقاليد السلطة من المستعمر في عملية سلم واستلم ولم يكن ليقبل بالاستقلالات الشكلية، ولذا قاد الاضراب العمالي في البحرين ثم المساهمة في قيادة الكفاح المسلح والنضال الجذري على الساحة الخليجية.

وعرض مكي لفكر النعيمي فيما يخص الوحدة الخليجية حيث يعتقد النعيمي بتلازم الفكر بالفعل وأن تحقيق الوحدة الخليجية يبدأ بوحدة أداة النضال ومن هنا تصدره لإقامة الحركة الثورية في عُمان والخليج العربي في فبراير 1968. وأثناء تواجده في أبو ظبي كمهندس كهربائي فإنه أسهم في التحضير للكفاح المسلح والكفاح السلمي على مستوى الخليجي وفي ذات الوقت عمل على توحيد الفصيلين الأساسيين وهما الجبهة الشعبية لتحرير الخليج العربي المحتل والجبهة الوطنية الديمقراطية لتحرير عُمان والخليج العربي، في تنظيم واحد هو الجبهة الشعبية لتحرير عُمان والخليج العربي في مؤتمر أهليش في ديسمبر 1971.

وبعد الاستقلالات التنظيمية للساحات الخليجية، عمد إلى تشكيل الجبهة الشعبية في البحرين، وظل أميناً عاماً لها حتى عودته إلى البحرين في فبراير 2001، ليبدأ فصلاً جديداً من العمل بتشكيل جمعية العمل الوطني الديمقراطي (وعد) وكان يريدها جمعية لكل اليسار تنظيمات وأفراداً وظل ذلك هاجسه حيث كشف د. يوسف عن استعانة أبو أمل به لتقريب وجهات النظر مع الآخرين والذي نجح أخيراً من خلال ائتلاف جمعيات المعارضة وشخصياتها في المؤتمر الدستوري في فبراير 2003 واختتم مكي ورقته بالقول في كل مراحل حياته ظل النعيمي مكافحاً إنسانياً وقومياً وخليجياً ووطنياً، شعلة متقدة وسيبقى نضاله وفكره نبراساً يضيئ الطريق للباحثين عن درب الحرية والعدالة والوحدة.

وقد علق رضي الموسوي على ورقة د. يوسف مكي بالقول أن النعيمي وطوال فترة نضاله لعقود رفض التفرغ الحزبي وكسب قوته من خلال العمل في دور النشر التي أسسها في الخارج حيث كان يستلم مخصصاً زهيداً أسوة بالآخرين، وبعد أن رجع إلى البحرين عمل كمسئول عن المركز الوطني للدراسات والبحوث براتب رمزي. وقد تكرس هذا المبدأ لدى قيادات الجبهة الشعبية ثم جمعية وعد وبالنسبة لقرار جمعية وعد بمقاطعة انتخابات 2012 فلم يفرضه النعيمي بل كتم موقفه واتخذ القرار من خلال استفتاء أعضاء الجمعية وبعدها التزم بقرار المقاطعة وبالنسبة لخوضه انتخابات 2006 كمرشح عن وعد فقد بادر عن إعلان ذمته المالية وقد اعتمدت حملته على المتطوعين.

الجلسة الثانية: عبدالرحمن النعيمي مناضلاً.

ترأس محامي معتقلي الرأي محمد التاجر الجلسة الثانية عبدالرحمن مناضلاً، فأشاد بمناقب عبدالرحمن والذي عرفه في السنوات الست التي عايشها في البحرين، ثم بدأ بتقديم الأوراق.

  1. معن بشور عبدالرحمن النعيمي في النضال القومي:

عرض معن بشور معايشته لعبدالرحمن منذ أن كان على مقاعد الدراسة الجامعة الأميركية في بيروت ثم بعد ذلك طوال عقود المنفى وأخيراً في البحرين بعد رجوعه إليها. ونوه بشور أنه بالرغم مما كان بين البعث الذي انتمى إليه ثم تركه وحركة القوميين العرب التي انتمى إليها النعيمي من تنافس فإنهما ينتميان لمدرسة فكرية واحدة وهي المدرسة القومية وأنهما ظلا صديقين حميمين وأشار إلى مغزى احتضان بيروت لندوة عبدالرحمن النعيمي الفكرية، تيمناً بتقاليد بيروت كحاضنة للمناضلين العرب بمختلف انتماءاتهم وفي مختلف المراحل. كما نوه بمواقف عبدالرحمن الشجاعة تجاه القضايا القومية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، ومعارضته بشدة الانضواء العربي في التحالف الدولي بقيادة أمريكا في حربها على العراق في 1990 وتحريرها للعراق في 2003، وكذلك دعوته للبحرينيين للتطوع في صفوف المقاومة الفلسطينية واللبنانية للتصدي للفزعة الصهيونية ضد لبنان في 1982. كما أشاد بمبادرات النعيمي، في انعقاد المؤتمر القومي في البحرين لأول مرة.

وعرض بشور لمرتكزات فكر وممارسات النعيمي في 1 – التلاءم بين الوطني والقومي. 2 – التلاءم بين القومي والديمقراطية. 3 – مركزية القضية الفلسطينية. 4 – التكامل بين التيارات اليساري والإسلامي والديمقراطي. 5 – الدعوة لمشروع التكامل العربي في إطار مشروع نهضوي عربي. 6 – الإيمان بالكتلة التاريخية وعدم الإنجرار وراء صراعات جانبية. وطرح بشور تساؤلاً حول مدى صواب قرار حل حركة القوميين العرب. وهل كان يتوجب على البعثيين استلام السلطة مبكراً. وكشف بشور النقاب عن مشروع مؤتمر عالمي ضد الابارتايد الصهيوني.

  1. أبو أحمد فؤاد: الثوريون لا يموتون.

استهل أبو أحمد فؤاد عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ورقته بمقولة للشهيد القائد جورج حبش “الثورويون لا يموتون” وهو ما يمكن قوله عن المناضل العربي القومي عبدالرحمن النعيمي والذي هو رجل بقامة وطن. وعرض أبو أحمد لمواقف أبو أمل تجاه القضية الفلسطينية منذ بواكير وعيه السياسي في الجامعة الأميركية في بيروت في الستينات حتى وفاته في 1/9/2011. وظل طوال حياته مؤمناً وواعياً للحق الفلسطيني في فلسطين كل فلسطين. ومقاومة الصهيونية. من هنا فقد كان وهو في المنفى من مؤسسي المنظمة العربية لدعم القرار الأممي باعتبار الصهيونية عنصرية، وبعد عودته إلى البحرين كان أحد المؤسسين والفاعلين في الجمعية البحرينية لمقاومة التطبيع مع العدو الصهيوني وكذلك في تحشيد الجمعيات والشخصيات المناهضة للتطبيع مع إسرائيل كما تجلى في مؤتمر الكويت في 2002 ومن هذا المنطلق فقد أصاب النعيمي في تشخيصه للإمبريالية الأمريكية باعتبارها حليفة إسرائيل والعدو اللدود للأمة العربية وطموحاتها. وعلى المستوى القومي فقد كان داعية لحرية الجماهير والإنسان العربي بقوله أن القاعدة التي يجب أن يبنى عليها النظام العربي الجديد، هي احترام حقوق الإنسان في الديمقراطية لأنها المعبر لكل برامج النهوض والتقدم والوحدة. +

  1. عبدالنبي العكري: عبدالرحمن قامة باسقة في النضال الوطني كنخلة البحرين.

استهل عبدالنبي العكري ورقته بعنوان عبدالرحمن النعيمي قامة باسقة في النضال الوطني كنخلة البحرين، بالقول أنه من الصعب فصل النضال الوطني لعبدالرحمن (سعيد سيف كما عرف أثناء فترة النضال السري) عن نضاله الخليجي والقومي والأممي، فقد كان شخصية مركبة، ولكن لضرورة البحث فسوف نتناول ذلك. وعرض العكري للمحطات التاريخية النضالية الوطنية للنعيمي وهي: 1 – بيروت في مرحلة الدراسة في الجامعة الأمريكية في بيروت. 2 – البحرين بعد التخرج 66 – 1970. 3 – مرحلة المنفى (1970-2001) وأخيراً 4 – مرحلة الرجوع إلى البحرين (2001 – 2011). ونوه العكري أنه رغم تقلب الأزمنة والظروف وأماكن تواجده وقد كان همه البحرين وشعبها والقضية الوطنية والتنظيم ففي مرحلة الدراسة الجامعية زاوج بين العمل الحزبي حيث كان إضافة لمسؤولياته في حركة القوميين العرب، مسؤولاً عن خلايا تضم طلبة من أبناء الجزيرة العربية. وأذكر هنا أن عبدالرحمن هو من منظمي في حركة القوميين العرب، وكانت خليتي تضم طلبة خليجيين ويمنيين، وفي موازاة ذلك فقد كان نشطاً في الحقل الطلابي بمختلف أوجهه النقابية والثقافية والاجتماعية. وقد انتخب في الهيئة الإدارية لرابطة طلبة البحرين في بيروت والتي كانت شعلة من النشاط مع تعدد الاتجاهات السياسية فيها الحركة والبعث والشيوعيين ومن ضمن توجهه القومي، فقد أسهم في تعاون وثيق بين الروابط الخليجية وهي رابطة البحرين ورابطة الكويت ورابطة اليمن وصندوق الطلبة السعوديين.

في ذات الوقت كان يتابع ما يجري في الوطن وعندما اندلعت انتفاضة مارس المجيدة في 1965 تجند عبدالرحمن مع الأعضاء لنصرة شعبهم في البحرين. ونشر قضيته في لبنان. وقد رأس الوفود التي طافت بالقوى الوطنية اللبنانية ومنها لقاء المختار مع الشهيد كمال جنبلاط. ومراسلة الرؤساء العرب، وكان لذلك دور في كسر الحصار الإعلامي والسياسي عن الانتفاضة.

المرحلة الثانية وهي مرحلة تخرجه ورجوعه إلى البحرين في 1966 وعمله كمهندس كهربائي في محطة أم الحصم، تميزت بمصاعب جمة، وأجواء سياسيه اتسمت بالتمزق في صفوف حركة القوميين العرب، وتشرذم تنظيمات المعارضة، وفتور الحماس الشعبي إثر انكسار انتفاضة مارس 1965 وهزيمة يونيو 1967 والتي خلقت مناخات كئيبة

لكن عبدالرحمن الذي لا يعرف اليأس، عكف على لملمة صفوف حركة القوميين العرب من ناحية والحوار مع التنظيمات الأخرى مثل الشباب القومي (علي ربيعة) وجبهة تحرير الخليج العربي المحتل (الشهيد محمد بونفور) وجبهة تحرير شرق الجزيرة (اليماني وكمال الدين) وقد أفلحت هذه الجهود لاحقاً تشكيل الجبهة الشعبية، لأنه غادر البحرين بنهاية 1966.

وعلى الجانب العمالي فقد قاد عبدالرحمن إضراباً عمالياً في محطة كهرباء أم الحصم في منتصف 1968 وهذا أول إضراب بعد انكسار انتفاضة مارس 1965. وترتب عليه طرده من العمل واضطراره للسفر إلى أبو ظبي حيث عمل كمهندس كهربائي ومن هناك كان يتابع العمل التنظيمي في البحرين، كما شهدت هذه الفترة قيام الحركة الثورية في عُمان والخليج العربي إثر مؤتمر دبي في فبراير 1968.

المرحلة الثالثة هي مرحلة النفي الطويلة والتي امتدت لأربعة عقود بعد إبعاد النعيمي مجدداً من أبو ظبي بعد سجنه لبضعة أشهر في إبريل 1970. حتى عودته إلى الوطن إثر العهد الجديد للملك حمد بن عيسى آل خليفة، وفي هذه المرحلة فقد تعددت مهام أبو أمل ومسؤولياته وخصوصاً في الفترة الأولى في إطار التنظيم الموحد للخليج وهو الحركة الثورية في عُمان والخليج العربي حتى أغسطس 1974، وخلال هذه الفترة أخذته المهام إلى ساحل عُمان متخفياً وبيروت، وعدن وظفار وتنقلت عائلته كذلك في المنافي لكن هاجس البحرين لم يفارقه وظل يتابع الوضع التنظيمي والنضال الوطني، وخصوصاً في المواقف المفصلية، فمثلاً رأس الاجتماع التشاوري بحضور الشهيد بونفور لاتخاذ قرار تجاه انتخابات المجلس التأسيسي في مارس 1972 وكذلك لاتخاذ قرار بشأن الانتخابات البرلمانية في أواخر 1973 وفي كلا الحالتين قررت الجبهة الشعبية مقاطعتها.

المرحلة الرابعة والتي امتدت بالاستقلال التنظيمي لمنظمات الجبهة الشعبية لتحرير عُمان والخليج العربي في أغسطس 1974، وقيام الجبهة الشعبية في البحرين في نوفمبر 1974، وتفرغه أكثر لمتابعة قضايا البحرين حيث كان بيته في حي المزرعة بدمشق مقر التنظيم ففيه تتم اجتماعات المرتبة القيادية، والاجتماعات مع القادمين من البحرين أو من أي مكان آخر، وفيه تتم الدورات الحزبية والتثقيفية وفيه تجهز الإرساليات إلى البحرين، والمناطق الأخرى، وفيه يتم تحرير وإخراج نشرة 5 مارس ومطبوعات الجبهة الشعبية في البحرين ثم نشرة الأمل ومطبوعات لجنة التنسيق المشتركة واجتماعات لجنة التنسيق، وفيه يستقبل الوفود والأصدقاء.

لقد لعب أبو أمل الدور القيادي للجبهة الشعبية وهو في الخارج وكان ممسكاً بخيوط التنظيم في ظل مرحلة ــ من القمع في ظل أمن الدولة، حيث تعرض التنظيم والقوى الوطنية الأخرى لنكسات عديدة ومنها هجمة 1976 المرتبطة باغتيال المرحوم عبدالله المدني، والضربة الموجهة للتنظيم العمالي في 1984 وغيرها وفي كل مرة كان يعكف على إعادة بناء التنظيم وإلى جانب التنظيم فقد كان يتابع المنظمات الجماهيرية حيث للجبهة دور فيها كاللجنة التأسيسية لعمال البحرين، ثم اتحاد عمال البحرين، ومنظمة الشبيبة البحرينية، والاتحاد الوطني لطلبة البحرين، والجمعيات النسائية والأندية حيث أن قوة الجبهة الشعبية في البحرين هو في وجودها وتأثيرها على منظمات المجتمع المدني، حيث الترابط الوثيق بين العمل الحزبي والعمل الجماهيري.

وعلى صعيد آخر فقد لعب أبو أمل دوراً مهماً في تقارب قوى المعارضة الديمقراطية أولاً جبهة التحرير والطليعة (البعث) ثم القوى الإسلامية الجبهة الإسلامية لتحرير البحرين، وحركة أحرار البحرين الإسلامية بعد 1979 وهو ما أعطى زخماً كبيراً للمعارضة البحرينية، وجعلها تصمد طوال عقود كان لأبو أمل مع المرحوم أحمد الذوادي الفضل في تصفية الخلافات بين الشعبية والتحرير، والتوصل إلى الوثيقة المشتركة في 1981، ثم التوصل لاتفاق التحالف في صيغة لجنة التنسيق للمجالات السياسية والإعلامية والعلاقات، وهو ما انعكس إيجابياً إلى العمل المشترك والتمثيل المشترك لمنظمات العمال والشباب والطلبة والسلم والتضامن. فقد انعكست العلاقات الإيجابية مع تنظيم البعث إلى فتح مكتب للجبهة الشعبية في البحرين وجبهة التحرير الوطني ـ البحرين في بغداد خلال الفترة 1977 ـ 1980 حيث أغلقا بعد اندلاع الحرب العراقية الإيرانية والخلاف مع النظام العراقي، لكن أبو أمل استثمر هذه العلاقات لتعزيز النضال الوطني في البحرين. كذلك الأمر بالنسبة لوجوده في سوريا ووجود مكتب الجبهة الشعبية في البحرين في دمشق في الفترة ما بين 1977 – 1991 إلى جانب مكتب لجبهة التحرير الوطني ـ البحرين والذي وظف أيضاً لصالح العمل الوطني في البحرين، حيث اكتسب أبو أمل مكانة كبيرة فيما بين حركات التحرر المتواجدة في دمشق وكانوا يفوضونه بالحديث عنهم في مختلف المحافل. وقد دفع أبو أمل ثمن مواقفه القومية المبدئية بسجنه في دمشق خلال سبتمبر 1990 حتى أبريل 1991، بسبب معارضته لانضواء الدول العربية ومنها سوريا في التحالف الدولي بقيادة أميركا لإخراج العراق من الكويت، وكان مع قيام عربية بالمهمة.

وقد لعب أبو أمل دوراً محورياً في تقارب الجبهة الشعبية مع تنظيمات وشخصيات التيار الإسلامي المعارض وخصوصاً الجبهة الإسلامية لتحرير البحرين وحركة أحرار البحرين الإسلامية أولاً ثم تقارب لجنة التنسيق للشعبية والتحرير معهم والذي ارتقى إلى التنسيق الجيد في مختلف الجوانب ولذا اكتسبت المعارضة الوطنية الإسلامية البحرينية الاحترام والمكانة العالمية في الأوساط العربية والدولية.

المرحلة الخامسة: العودة إلى البحرين

تمثل عودة أبو أمل إلى البحرين في 28 فبراير 2001 في ظل عهد الانفتاح النسبي للملك حمد بن عيسى الخليفة، مرحلة خصبة من نضال ودور أبو أمل بعد أن عاد إلى أحضان تنظيمه وشعبه، وفي مرحلة تميزت بشرعية وعلنية العمل السياسي والأهلي، وكما كان في الخارج قيادياً للنضال كذلك الأمر في الداخل. تحولت الخيمة الملحقة ببيته المؤقت إلى موئل للوطنيين من كل الاتجاهات ومن مختلف مناطق البحرين، وكان لقاء الأربعاء هو اللقاء الذي كرس الحوار الوطني، ثم تكريسه لمنتدى وعد من كل أربعاء لاحقاً.

منذ البداية رفض أبو أمل كل العروض والإغراءات التي قدمت له من قبل النظام، ورفض الالتحاق بوظيفة حكومية، وفضل العمل مستقلاً في الصحافة ثم مسؤولاً عن المركز الوطني للدراسات لكسب عيشه، ومن ثم اكتسب موقع الأندية. ومنذ البداية كان همه توحيد القوى الديمقراطية، وكان هناك مشروع متداول لتشكيل التجمع الوطني الديمقراطي من الفصائل الثلاث (الشعبية والتحرير والبعث) والديمقراطيين المستقلين لكن الرياح لم تجر بما تشتهي السفن، خصوصاً مع وفاة الشخصية الوطنية الوسطية قاسم فخرو.

لكن ذلك لم يحبطه، فعمل مع الآخرين لتشكيل جمعية العمل الوطني الديمقراطي ونواتها الجبهة الشعبية في البحرين لكنها ضمت وطنيين ديمقراطيين من مختلف الاتجاهات من العلماني حتى الإسلامي المستنير والتي اشهرت في نوفمبر 2001 كأول تنظيم سياسي بحريني وخليجي مشروع. لكنه ظل مثابراً على توحيد العمل الوطني من خلال أعلى درجات التنسيق مع الجمعيات الديمقراطية والإسلامية المعارضة والتي تشكلت لاحقاً. كما عمل لاجتذاب الشخصيات الحقوقية والسياسية لدائرة المعارضة في صيغة المؤتمر الدستوري الذي بدأ في فبراير 2003.

عمل أبو أمل بدأب على بناء وتعزيز جمعية وعد حيث قادها في دورتين كأمين عام وبتشكيله تعكس التعددية في داخلها، حتى اكتسبت مكانة محورية في العمل الوطني. وفي ذات الوقت دأب على السعي لوحدة المعارضة والتي توصلت إلى صيغة تنسيقية تضم (وعد والتجمع القومي والوفاق وأمل الإسلامية) في مرحلة أولى ثم انضم إليهم (التجمع الديمقراطي والمنبر التقدمي والإخاء) في مرحلة لاحقة. وقد اختبرت وحدة المعارضة وسلامة خطها في مواقف عديدة أهمها انتفاضة شعب البحرين منذ 14 فبراير 2011 حتى الآن.

جسد أبو أمل إيمانه بالتداول السلمي على السلطة والديمقراطية، عندما أصر في المؤتمر الثالث لوعد في 2006 أن يتنحى كأمين عام رغم الالحاح عليه، حيث خلفه المناضل الأسير إبراهيم شريف، فيما انتخب أبو أمل رئيساً لمكتب اللجنة المركزية حتى دخوله الغيبوبة في أبريل 2007، حيث طورها لتكون قلب التنظيم وجهازاً رقابياً فعالاً.

وعلى الصعيد الجماهيري فقد كان أبو أمل حاضراً في معظم المسيرات والتظاهرات والاعتصامات للشأن الوطني والفلسطيني والقومي. ومن أهم محطاته ترشيحه للانتخابات النيابية في دائرة صعبة (قلالي والمحرق) حيث للسلطة وحلفائها نفوذ كبير، وفي رده على تحذيرات الرفاق من امكانية خسارته للانتخابات بالمس بمكانته رد بالقول “أنا لا يهمني الفوز بالمقعد النيابي وما يهمني هو أن أطرح قضايا شعبي”. وبالفعل فقد كانت مهرجاناته الانتخابية مهرجانات لكل الوطن تطرح قضايا الوطن بل قضايا الأمة العربية، وبالفعل عمدت السلطة إلى اسقاطه عنوة حيث كان متقدماً في المركز الانتخابي للدائرة لكنها اسقطته من خلال مراكز الانتخابات الخارجية التي تتحكم فيها كما هو الحال مع جميع المرشحين الديمقراطيين.

كانت حياته على أرض الوطن في الفترة ما بين رجوعه في فبراير 2001 حتى دخوله الغيبوبة في مارس 2007، عاصفة وغنية فقد كان يتحرك على الجهات الوطنية والعربية والدولية. وكان آخر من ينام وأول من يصحى. وكما كان بيته في دمشق فقد أضحى بيته في قلالي موئلاً للرفاق والمواطنين والأصدقاء من البحرين والخليج وبلاد العرب والأجانب.

لكن اسهاماته تتعدى السياسة، فقد عمد إلى إقامة المركز الوطني للدراسات وكان مسؤولة الأول، حيث كان يطمح أن يكون مركزاً للبحث والمعرفة لكل الوطنيين في البحرين. لكن الدولة عاكسته أيضاً وحرمته من أي عقد، وهكذا اضطر رفاقه لإغلاق المركز بعد دخوله الغيبوبة.

كما استمر في متابعة دار الكنوز الأدبية التي أنشأها في الخارج بدأب ومثابرة وشهد مشاركتها في معارض الكتاب بالبحرين، حيث اتسع دورها التنويري الخليجي والعربي، ومرة أخرى انتكس هذا المشروع أيضاً، لكن رفاقه ارتاؤوا  تسليمه لصديق العمر إيليا مراد (أبو جزيف) وأسهم أبو أمل في جهد كبير لتشكيل الجمعية البحرينية لمقاومة التطبيع استطراداً لدوره في القضية الفلسطينية كما أسهم في انعقاد أول مرة لجمعيات مقاومة التطبيع الخليجية في الكويت في 2002، وكما لعب دوراً بارزاً في المؤتمر القومي في المنفى، فقد كان همه عقد المؤتمر القومي في البحرين وهو ما تحقق لأول مرة في 2003 .

في مارس 2007 كان في مهمة قومية في لبنان وسوريا والأردن ومصر والمغرب وكانت رحلة مجهدة لمن هو في عمره وصحته، وقد انتكست صحته وهو في المغرب، وانفجر البنكرياس، ليتطور إلى تسمم الدم والدماغ حيث دخل في غيبوبة في أبريل 2007، وينقل من المغرب إلى مستشفى الملك فيصل التخصصي بفضل تكاتف وعد وعائلة النعيمي، ليستقر هناك حتى تم نقله إلى البحرين في شهر أبريل 2008 حتى توفى في 1 سبتمبر 2011.

وكما كان موحداً لشعب البحرين بمختلف اتجاهاته، في حياته، فقد تحولت وفاته وجنازته وتأبينه إلى توحد شعب البحرين في ظل انقسامات حادة عانى منها شعب البحرين منذ فبراير 2011.

جسد أبو أمل في حياته تلازم الفكر بالعمل، والقيادة بالتواضع والعمل مع القواعد الحزم في

رحل أبو أمل بجسده، لكن فكره وممارسته تبقى لتنير للأجيال الطريق بعد ذلك فتح المجال للمناقشة.

  1. أشار يوسف ربيع إلى ندوة شارك فيها الشيخ علي سلمان (أمين عام جمعية الوفاق) وعبدالرحمن النعيمي (أمين عام جمعية وعد) حيث سأل أحد الحاضرين النعيمي عما إذا كان موضوع الأحوال الشخصية سيتحول إلى مواجهة فيما بين المعارضة فرد النعيمي، يمكننا تأجيله 5 سنوات. ونوه ربيع إلى أن النعيمي قاد وعد وهي مجتمع فيسفاء، كما أنه عمل على تجسيد العلاقات ما بين الإسلاميين واليساريين فيما يعمل النظام على تعميق الخلافات.
  2. د. منى عباس نبهت إلى أن المنتدى لم يعالج قضية مهمة وهي تحرير المرأة في فكر وممارسة أبو أمل، ودور أم أمل، وعرضت لتجربتها مع أبو أمل والذي عمل على تحرير المرأة في التنظيم والمجتمع ومعاملته اياها نداً للرجال . وأضافت نتعلم من أبو أمل الديمقراطية في التعامل ونتعلم منه المهنية في العمل والسعي وراء المعرفة والمنهجية العلمية وتميز في العلاقات النضالية. أنوه إلى مشاركته في تشكيل الشبكة العربية للديمقراطية. وبالنسبة إلى قانون الأحوال الشخصية، أود أن أوضح أنه لم يحجر على أي كان وعلى وعد طرح موقفها الواضح في ضرورة وجود قانون للأحوال الشخصية. بالنسبة لي لن أوؤجل ذلك كما عرضت تجربتها مع أبو أمل خلال الانتخابات فقد كانت إحدى النساء منافسة له، حيث طرحت إمكانية انسحابها، إذا كان ذلك يشكل احراجاً لأبو أمل، لكن الذي حدث بعد أن جمعتهما معاً هو إصراره على استمرارها في خوض المعركة الانتخابية.
  3. جاسم حسين. عرفت أبو أمل متأخراً بعد رجوعه إلى البحرين وكان دائم الابتسام في كل ظروف حتى الصعبة فيها وتواضعه الجم والراحة التامة واستخدام التعبيرات البسيطة للتعبير عن الأفكار الكبيرة.

في نهاية المنتدى ألقى السيد رضي الموسوي كلمة وعد واللجنة التحضيرية للمنتدى فشكر أعضاء اللجنة ومعدي الأوراق والمعقبين والمشاركين وطاقم الخدمات اللوجستية، وأعلن أن منتدى أبو أمل الفكري سيتحول إلى منتدى سنوي يطرح في كل دورة قضية محورية من قضايا الأمة.